تقتني مكتبة الملك عبدالعزيز العامة بالرياض النسخة الوحيدة المعروفة حتى الآن في العالم، من مخطوطة: «الإيضاح المرشد من الغي على حديث حبّب من دنياكم إليّ» لشمس الدين السخاوي المتوفي في العام 902هـ/ 1497م، وهو أحد علماء عصر المماليك بمصر ممن اشتغلوا بعلوم الحديث والتفسير والتاريخ.

يرجع تاريخ نسخ المخطوطة إلى عام 1190 هـ وتندرج ضمن علوم الحديث الشريف، وهي عبارة عن نسخة كاملة مصححة كتب سائر نصها بالمداد الأسود وكتبت رؤوس فصولها وبعض الفقرات بالمداد الأحمر بنوع الخط النسخي حيث تبلغ عدد الأوراق ( 14 ورقة و31 سطراً).

وتعنى مكتبة الملك عبدالعزيز العامة منذ تأسيسها في عام 1405هـ / 1985م، بمختلف عناصر التراث من كتب ومخطوطات ونوادر ووثائق وصور ومسكوكات وعملات، من أجل توفير صورة مكتملة للتراث العربي والإسلامي، بالإضافة إلى حفظ التراث الوطني وحمايته والتراث العربي والإسلامي بشكل عام، وإتاحته للباحثين والمحققين والمهتمين، حيث تزخر بعديد من المقتنيات الأصلية، وتضم بين جنباتها أكثر من 8000 مخطوط تنوعت بين: القرآن وعلومه، وأصوله والحديث وعلومه، والفقه وأصوله السيرة النبوية، والوعظ والإرشاد، واللغة العربية وآدابها، والتاريخ، والفلسفة والمنطق، والعلوم البحتة والتطبيقية، والمعارف العامة.

وتبدأ المخطوطة بالعبارة التالية: «الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى، أما بعد، فقد سألني العلامة خطيب مكة أبو الفضل النويري تغمده الله برحمته عن قوله صلى الله عليه وسلم: «حبّب إليّ من دنياكم».

وتنتهي بـ»على وجه لا يشغله عن واجباته ولا يصده عن مفروضاته صلوات الله عليه وبركاته، وهذا ما أردت الختم به من كلام ابن فورك، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً كثيراً والحمد لله وحده». واعتمد منهج المؤلف في قراءة الحديث وشرحه على ذكر رواة الحديث أولا، وهم «ثقات محتج بهم في الصحيح» كما يذكر في الصفحة الثانية من المخطوطة، ثم ينقل بعض مواقفهم العلمية، وطرق رواياتهم، كما ينقل مجموعة متعددة من ملاحظات رواة الحديث وعلمائه وعلماء التأويل، كالطبراني والضيافي والغزالي، والزمخشري والترمذي، كما يتطرق للحديث من وجهات تفسيرية ولغوية، مع رواية بعض الأحاديث الأخرى التي تعزز من قيم هذا الحديث وأثره في المجتمع الإسلامي من بعض روايات مسلم والنسائي في كتبهما عن الحديث النبوي الشريف.

والمؤلف شمس الدين أبو الخير محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن أبي بكر بن عثمان بن محمد السخاوي يُنسب إلى «سخا» شمال مصر، ولد في العام 831 هـ، وهو مؤرخ وعالم حديث وتفسير وأدب من أعلام مؤرخي عصر المماليك. ولد وعاش في القاهرة، ومات بالمدينة المنورة سافر في البلدان سفراً طويلاً وصنف أكثر من مئتي كتاب أشهرها: «الضوء اللامع في أعيان القرن التاسع» ترجم نفسه فيه بثلاثين صفحة، بالإضافة إلى كتابه «الإيضاح المرشد من الغي».