حسن الستري
أكد نائب رئيس مجلس الأمناء المدير التنفيذي لمركز عيسى الثقافي الدكتور الشيخ خالد بن خليفة آل خليفة أن قوة الوطن في تماسك تاريخه، وأن مؤسس الدولة الخليفية الشيخ محمد بن خليفة الكبير سعى لتحصين الدولة قبل الشروع في التعمير، مستعرضاً في ورقته (النهضة العلمية والحضارية في الزبارة خلال القرن الثامن عشر) مراحل استكمال تعمير الزبارة وشواهد النهضة العلمية والفكرية بالتفصيل، والتي تمت على يد الشيخ خليفة بن محمد آل خليفة استكمالاً لرؤية والده المؤسس، وكيفية تحويلها إلى ميناء تجاري مزدهر وحاضرة علمية ومركز إشعاع فكري رائد في المنطقة، مع إبراز أهم التشريعات الاقتصادية وسياسات حكام البلاد في النهوض بالحركة العلمية، وفي صعيد متصل تسلط هذه الدراسة الضوء على سياسة حكام الدولة الخليفية في التسامح الفكري والديني والمذهبي، وأثر السمعة الحسنة في توسع الدولة والترحيب بالحكم الخليفي التي أدت نحو التوسع في شبه جزيرة قطر وجزر البحرين.

وقال خلال ندوة «الزواوي واضع روزنامة الزبارة والبحرين» أمس: «نشهد أهمية التاريخ بالنسبة للبحرين والمنطقة ككل، ولدي رسائل بسيطة في عجالة، هذه الرسائل مهمة تتحدث عن فترة زمنية تاريخية في البحرين، كانت شاهدة على إحياء مخطوط مضى عليه أكثر من 140 سنة وبعث الحياة فيه، وذلك بعد أمر جلالة الملك المفدى اتباع منهجية الزواوي في اعتماد تقويم، ما يدل على أن قوة الوطن في تماسك تاريخه، فجلالة الملك أمر حين كان ولياً للعهد عام 1978 بإنشاء مركز الوثائق التاريخية وهو الركيزة التي يرتكز عليها تاريخ البحرين وشرع في توفير مشاريع عدة أهمها مشروع البحث وتقصي الوثائق التاريخية، وهناك عدد أكبر مما جمعناه خلال السنوات الماضية، مشروعنا مساعدة من يملك هذه الوثائق في أرشفتها وإتاحتها بطريقة مناسبة للمؤرخين».

وتابع: «الوثيقة التاريخية قادرة على التأثير وإحداث التغيير في الحاضر والمستقبل، استطاعت أن تضيف علمياً مكانة البحرين والزبارة، ونثني على أحفاد الشيخ يوسف الصديقي الذي جمع الوثائق وأتاحها للبحث والدراسة، ونركز على التاريخ والجانب الحضاري والعلمي للزبارة والبحرين، لنضع مكانة علمية للبحرين على الخارطة العلمية في المملكة». وواصل: «تتمثل رؤية المؤسس في تكريس السيادة وتعزيز الأمن قبل الشروع في التعمير، ومرت بمراحل كثيرة، مرحلة الشيخ محمد بن خيفة الكبير، وكانت الزبارة كثباناً رملية، فكيف يمكن تحويلها لدولة، لقد اعتمد المؤسس على مبايعة القبائل، وبنى قلعة صبحا وعين القضاء وقوى الأسطول البحري، أما ابنه الشيخ خليفة بن محمد فقد أعفى التجار من الضرائب والمكوس وجعل أول عاصمة للتجارة الحرة في المنطقة واستقطب التجار من مختلف الأمصار وأمن الحماية البحرية للتجار الأجانب، وكان ذلك عام 1772، وأتى التجار من مختلف الأماكن وبمختلف المذاهب والأديان، وكانت الزبارة في ذلك الوقت قاعدة أكبر من القطيف وأقوى منها، لأنه شجع الحركة العلمية واستقطب العلماء من خلال سياسة الدولة وانفتاحها الديني والمذهبي، وتوافد العلماء من مختلف الأمصار، من البصرة ونجد والأحساء والحجاز، وتنوعت الاختصاصات والمذاهب والمدارس الفقهية وخصصت الأوقاف للمدارس العلمية وأصبحت الزبارة حاضرة علمية مرموقة في المنطقة». وأردف: «التفاعل الذي كان في الزبارة انعكس على البحرين فيما بعد، فمنح الهندوس معبداً في البحرين 1819، ومن شواهد التقدم العلمي في الزبارة وضع روزنامة الزبارة، وكانت السبب في الوصول إلى هذه الدرجة من العلمية، لقد شهدت الزبارة غزارة في الإنتاج الفكري في مختلف العلوم كالفلك والحساب، كما ساهمت سياسة الإعفاء الضريبي على السلع في توافد الأسر الحرفية على الزبارة الصاغة والحدادة والبنائين والحياك، الذين كان لهم كثير من الإنتاجية في مجتمع اقتصادي نامٍ، وأكد ذلك المؤرخ محمد علي التاجر، لذلك كان الترحيب بتنوع المذاهب في الزبارة الباعث الأكبر في فتح جزر البحرين، لأن ذلك شكل دافعاً لدى أهالي جزر البحرين في الترحيب بالحكم الخليفي وكانت البحرين تعاني من اضطهاد سياسي من آل مذكور عامل الفرس، وقد بينت الوثائق أن الشيخ أحمد بن رقية البلادي اتصل بالشيخ أحمد بن محمد آل خليفة لدخول البحرين».