في إحدى المناسبات تمت دعوتك مع مجموعة من الرفاق إلى شرب الشاي، فوجدته مليئاً بالسكر، واعتبر غيرك أن السكر قليل، وآخر وجده مناسباً، ورابع قال إن الشاي غير مُستساغ بسبب الهيل والزعفران، وتعددت الآراء حوله مع إجماع الأغلبية على أن طعمه كان مناسباً.
فهل رأي الإجماع هو الصواب فقط؟ أم أن رأي الجميع كان صحيحاً وكل بحسب رأيه وذوقه وما يحبه في الشاي.
هذا المبدأ الذي يتكرر في نواحٍ كثيرة في الحياة وينطبق على موضوع اختيار التخصص الجامعي كذلك؛ فالكلام الذي يثار حول أي تخصص بأنه صعب أو معقد هي من الأمور التي تُنفر الطلبة من التوجه إليه، وقد يكون هذا الطالب الذي يتكلم عن التخصص مهملاً في دراسته أو أن التخصص لا يتناسب معه من الأساس.
آراء الطلبة مهمة لفهم التخصصات والتعرف على طبيعة الدراسة فيها، ولكن الغالب فيها أنها آراء شخصية تعبر عن تجربة صاحبه في التخصص وليست حقائق معبرة عنه.
وينبغي على الطالب أن يميز بين ما يقال على أنه رأي وبين ما هو حقيقة ثابتة عن التخصص، فمقولة إن الهندسة المعمارية صعبة هي رأي، بخلاف القول إنها تحتاج إلى فهم جيد في الرياضيات والفيزياء، وإتقان برامج الرسم المعماري.
ونجد كذلك تفاوت الطلبة في مادة الرياضيات بالمدرسة، والبعض يجد أن المادة سهلة الفهم، ويجدها آخرون صعبة ويحتاجون إلى جهد كبير لفهمها واستيعابها بالرغم من وجودهم جميعاً في نفس الصف.
المادة والأستاذ والمقرر كل لم يتغير، والذي تغير مستويات الطلبة وقدراتهم، وقس على ذلك في جميع المواد الدراسية وكذلك التخصصات المختلفة.
ونصيحتي للطلبة أن كل التخصصات فيها نوع من التحدي، ولا يوجد تخصص يمكن أن يوصف بالسهل أو الصعب؛ لأن ذلك يتعلق بالشخص نفسه وقدراته في دراسة التخصص ومُتطلباته.
فما رأيك الآن، هل طعم الشاي مناسب أم مازلت مصراً على أن السكر المضاف إليه كثير؟؟
محمد إسحاق عبدالحميد