إن تناول مفهوم الانتماء من الناحية النفسية ليس بالأمر الجديد؛ فقد تحدث (ماسلو) في هرمه الشهير عن الانتماء كإحدى الحاجات الإنسانية الأساسية المهمة في حياة البشر. ويمكن وصف الانتماء للوطن باعتباره اتجاهاً إيجابياً مدعماً بالحب، ينبع من وجدان الفرد الذي يرتبط بوطنه كعضو فاعل فيه، ويقدم لقيادته الولاء والطاعة. فيتأصل الولاء والانتماء سلوكياً من خلال ما نمارسه في حياتنا اليومية وفي أعمالنا الوظيفية، فكل موظف في مجال عمله تقع عليه مسؤولية أخلاقية تجاه وطنه تتمثل في المساهمة في البناء والعطاء، يؤدي واجبه بكل أمانة وصدق وإخلاص، واضعاً نصب عينيه رفعة وسمعة وطنه، إنما يعبر عن ولائه وانتمائه.
كما يتأصل الولاء والانتماء وجدانياً من خلال ما يكنه الشخص من مشاعر إيجابية تتمثل في الحب والاعتزاز والفخر تجاه الوطن؛ فالشعور بالفرح عندما يحصل الوطن على أي مكسب، والشعور بالحزن عندما يتعرض الوطن لأي خسارة، والشعور بالغضب عندما يواجه الوطن أي إساءة، والشعور بالفخر عندما يذكر اسم الوطن في أي محفل، والشعور بالاشتياق عندما يسافر الشخص إلى أي بلد آخر، إنما يعكس الحالة الوجدانية لولاء الشخص وانتمائه.
ويتأصل الولاء والانتماء فكرياً من خلال اعتقاد الشخص أن كل ما يقدمه الفرد لوطنه إنما يمثل واجباً عليه وليس منة أو تفضلاً منه، وعندما يعتقد الشخص أن الولاء للوطن مبدأ أخلاقي وشرف عظيم لا يناله من ساوم على حبه وولائه لوطنه من أجل مال أو منصب أو غيره، كما لا يخضع الولاء لمبدأ (حبني على لقمة وأبغضني على فقدانها) وكما قال الفيلسوف الأمريكي جوزيا لويس إن الولاء هو «إخلاص شخص لموضوع إخلاصاً طوعياً وعملياً غير مشروط» وبذلك يعتبر الولاء قيمة أخلاقية يتبناها الشخص لذاتها وليس من أجل منفعة شخصية.
ويعتبر التقمص العاطفي والفكري والسلوكي للوطن واجباً وطنياً يحتم على الفرد تبني شعور الوطن وأفكاره وسلوكه، فنحب ما يحب وطننا ونكره ما يكره، ونسير على نفس السلوك الذي يرتضيه الوطن، وننهج بفكره وتوجهاته، فكأنما كل فرد في المجتمع يمثل مرآة تعكس صورة الوطن، ويرتبط بكل ما يرمز له الوطن من قيم ومثل وخصوصيات وقوانين وأمجاد وتاريخ.
ويجب على كل مربي أن يعي حجم المسؤولية والأمانة التي يحملها في عنقه تجاه وطنه، فيربي رعيته على حب الوطن والولاء له والاعتزاز بالانتماء له، ويغرس فيهم أن الولاء للوطن شرف وعزة والولاء لغيره خيانة وذلة.
حفظ الله وطننا الغالي وأدام أمنه واستقراره في ظل قيادتنا الرشيدة.
د. سامي محمد المحجوب "كلية الآداب- جامعة البحرين"