طالب أستاذ القانون الجنائي المشارك بكلية الحقوق بجامعة البحرين د. محمد حماد الهيتي المشرع البحريني بضرورة إفراد نص خاص يعاقب بموجبه الزوجين في حالة التلقيح الاصطناعي غير المتماثل، وعدم اقتصاره على المؤسسة الطبية أو الطبيب، لأن الأمر ما كان ليتم لولا رغبتهما في ذلك وموافقتهما، كما دعا لإفراد نص خاص يجرم فيه لجوء المرأة غير المتزوجة أو التي مات عنها زوجها إلى التلقيح الاصطناعي، لا سيما أمام انفتاح المجتمعات والتغيرات التي يمكن أن تطرأ.
جاء ذلك في بحث نشرته هيئة التشريع والرأي القانوني في العدد الأخير من المجلة القانونية تحت عنوان "التأصيل الفلسفي والقانوني للإنجاب عبر تقنيات التلقيح الاصطناعي".
وأكد الدكتور الهيتي أن تقنيات التلقيح الاصطناعي في الإنجاب قد باتت حقيقة قانونية اعترفت بها الكثير من الدول ونظمت شروطه وبينت أحكامه وأقره مجمع الفقه الإسلامي وفق ضوابط وبوجه خاص أن يتم بين الأزواج، مشيراً إلى أن البحرين سايرت الاتجاه الحديث للتشريعات بإصدار القانون رقم 26 لسنة 2017 بشأن استخدام التقنيات الطبية المساعدة على التلقيح الاصطناعي والإخصاب.
وقال إن العقم يعتبر ظاهرة عالمية لا تقتصر على دولة أو فئة دون غيرها، مشيراً إلى تقديرات منظمة الصحة العالمية لانتشار العقم حول العالم والبالغة 8% وبما يقدر بـ 50-80 مليون نسمة يعانون من هذا المرض الذي يؤدي إلى تحطيم الأواصر العائلية.
التلقيح الاصطناعي بين المعارضة والتأييد
وتطرق إلى عملية التلقيح الاصطناعي بين المعارضة والتأييد موضحاً حجج التيار المعارض بأنه يتعارض مع مشيئة الله وأن الحمل يتم بوسيلة ليس فيها اتصال جنسي فطري بين الرجل والمرأة، كما أن إجراءاته تتيح الاطلاع على العورة المغلظة التي لا تجوز إلا في حالات الضرورة العلاجية، بينما لا يرقى التلقيح الاصطناعي لمرتبة الضرورات.
وكان رد المؤيدين هو: "أنه لا ضير من اللجوء للوسائل الاصطناعية لأن وسائل العلاج الأخرى قد فشلت في تحقيق الغرض، واعتبره رأياً فقهياً بأنه وسيلة من وسائل العلاج لصعوبة الإنجاب في علاقة جنسية مشروعة المقصود بها الزواج".
وأشار الدكتور الهيتي إلى الاتجاه الذي سار فيه المشرع البحريني والسعودي حيث اعتبرا العقم الذي يجيز للزوجين اللجوء للتلقيح الاصطناعي هو عدم حدوث الحمل وبالتالي عدم قدرة الزوجين على الإنجاب بعد مرور اثني عشر شهراً من الحياة الزوجية المستمرة.
وقال إن عدم اشتراط المشرعين أن يكون التلقيح الاصطناعي هو الطريقة الوحيدة للإنجاب هو محل تقدير لأنهما جنبا الزوجين المشقة النفسية والاجتماعية والمالية التي تتطلبها مراجعة الأطباء وضرورة إبدائهم الرأي بأن التلقيح الاصطناعي هو الوسيلة والحيدة لعلاج علتهما.
التعريف البحريني يشوبه القصور
وقارن الدكتور محمد بين التعريف الخاص بالتلقيح الاصطناعي الخارجي أو ما يعرف بطفل الأنبوب في التشريعين البحريني والسعودي، مشيراً إلى أن الأخير عرفه بأنه "عملية تلقيح بويضات الزوجة بعد سحبها من المبيض بالسائل المنوي للزوج في المعمل وحفظها تحت ظروف معينة ثم إعادة الأجنة أو اللقيحة إلى رحم الزوجة بعد التأكد من حدوث الانقسام السليم"، بينما عرفه المشرع البحريني بأنه "تلقيح بويضة الزوجة بالحيوانات المنوية للزوج في المزرعة".
وأوضح أن التشريع البحريني جاء ناقصاً ويعتريه القصور بشأن المدلول الحقيقي للتلقيح الاصطناعي الخارجي، كونه تجاهل عملية زرع البويضة الملقحة في رحم الزوجة بعد تحقق الإخصاب.
وشدد الدكتور الهيتي على ضرورة الاتجاه إلى تجريم التلقيح الاصطناعي غير المتماثل والمعنون بـ"مساعدة الغير"، لافتاً إلى أنه بات واقعاً في بعض البلدان حيث تشير التقديرات إلى أن ما بين 6000 إلى 20000 ولادة عن طريق التلقيح الاصطناعي بمساعدة الغير تحدث كل عام، فيما كشف التقرير الصادر من مختبر حفظ الخلايا في ولاية فلادلفيا عن ولادة ما يقارب 30000 طفل كل سنة لنساء يستخدمن المتبرعين بالحيوانات المنوية، لكنه ألمح إلى عدم واقعية تلك الأرقام نظراً للجوء البعض لإخفاء العملية ولعدم تتبع الأب أو المتبرع، وخوف بعض الأطباء من التصريح بإجرائهم تلك العمليات.
المتبرعة تتقاضى 150 ألف دولار والمتبرع 900 فقط
وكشف أن المرأة المتبرعة بسحب البويضة منها تتقاضى ما بين 5000 إلى 150000 دولار لكل دورة تبرع خلافاً للرجل الذي قد يتقاضى 75 دولاراً لكل عينة وبحد أقصى 900 دولار شهرياً، ويجرى ذلك عبر شبكة الإنترنت والإعلان في الجامعات الأمريكية، وطالب بتجريم هذه التبرعات وملاحقة من يمارسها لتعارضها مع كرامة الإنسان الذي كرمه الله لأنه ستحول لسلعة خاضعة للعرض والطلب.
وأوضح أن المشرع البحريني قد عاقب بالحبس مدة لا تقل عن ثلاث سنوات ولا تزيد عن عشر سنوات وبالغرامة التي لا تقل عن عشرة آلاف دينار ولا تزيد عن عشرين ألف دينار، في حال مخالفة الفقرة (ب) من المادة السابعة والتي تتضمن التلقيح بنطف غير الزوج، وتخصيب بويضة من غير الزوجة، إلا أنه طالب بإعادة النظر في النص لأنه قصر العقاب على المؤسسة الصحية أو الطبيب الاستشاري أو الاختصاصي أو الفني المتخصص في علم الأجنة، رغم أن هذا الأمر لا يتم إلا بموافقة الزوجين أو رغبتهما في ذلك، ودعا لأن يكون هناك جزاء يفرض على الزوجين أيضاً.
ولفت الهيتي إلى أن المواثيق الدولية والدساتير لم تذكر الإنجاب لا بصورته الطبيعية (الاتصال الجنسي) ولا عبر الوسائل الاصطناعية (التلقيح الاصطناعي) صراحة لكنها، ومن خلال اعترافها بالزواج وبتكوين الأسرة وإقرارها بوجوب حماية المجتمع والدولة لذلك: فإنها بذلك تعترف بالتلقيح الاصطناعي باعتباره وسيلة من وسائل تكون الأسرة.
وانتهى إلى التوصية بإعادة النظر في مصطلح العقم لدى المشرع البحريني والسعودي لعدم دقته واستعمال المصطلح البديل وهو "صعوبة الإنجاب" حتى يتطابق المعنى الاصطلاحي مع المعنى الحقيقي.
وقال إن على المشرع البحريني أن يلتفت إلى النقص الذي يعتري مدلول "طفل الأنبوب" الذي أورده من ضمن التعاريف التي تضمنها القانون وأن يعالج النقص الذي يعتريه؛ لأنه لم يتضمن في مدلوله عملية زرع البويضة الملقحة في رحم الزوجة بعد تلقيحها بمني الزوج، الأمر الذي تجنبه المشرع السعودي.
وطالب الباحث المشرع البحريني بالعمل على إفراد نص خاص يعاقب بموجبه الزوجين في حالة التلقيح الاصطناعي غير المتماثل لأن الأمر ما كان ليتم لولا رغبتهما في ذلك وموافقتهما.
كما دعا لإفراد نص خاص يجرم فيه لجوء المرأة غير المتزوجة أو التي مات عنها زوجها إلى التلقيح الاصطناعي، لا سيما أمام انفتاح المجتمعات والتغيرات التي يمكن أن تطرأ.
جاء ذلك في بحث نشرته هيئة التشريع والرأي القانوني في العدد الأخير من المجلة القانونية تحت عنوان "التأصيل الفلسفي والقانوني للإنجاب عبر تقنيات التلقيح الاصطناعي".
وأكد الدكتور الهيتي أن تقنيات التلقيح الاصطناعي في الإنجاب قد باتت حقيقة قانونية اعترفت بها الكثير من الدول ونظمت شروطه وبينت أحكامه وأقره مجمع الفقه الإسلامي وفق ضوابط وبوجه خاص أن يتم بين الأزواج، مشيراً إلى أن البحرين سايرت الاتجاه الحديث للتشريعات بإصدار القانون رقم 26 لسنة 2017 بشأن استخدام التقنيات الطبية المساعدة على التلقيح الاصطناعي والإخصاب.
وقال إن العقم يعتبر ظاهرة عالمية لا تقتصر على دولة أو فئة دون غيرها، مشيراً إلى تقديرات منظمة الصحة العالمية لانتشار العقم حول العالم والبالغة 8% وبما يقدر بـ 50-80 مليون نسمة يعانون من هذا المرض الذي يؤدي إلى تحطيم الأواصر العائلية.
التلقيح الاصطناعي بين المعارضة والتأييد
وتطرق إلى عملية التلقيح الاصطناعي بين المعارضة والتأييد موضحاً حجج التيار المعارض بأنه يتعارض مع مشيئة الله وأن الحمل يتم بوسيلة ليس فيها اتصال جنسي فطري بين الرجل والمرأة، كما أن إجراءاته تتيح الاطلاع على العورة المغلظة التي لا تجوز إلا في حالات الضرورة العلاجية، بينما لا يرقى التلقيح الاصطناعي لمرتبة الضرورات.
وكان رد المؤيدين هو: "أنه لا ضير من اللجوء للوسائل الاصطناعية لأن وسائل العلاج الأخرى قد فشلت في تحقيق الغرض، واعتبره رأياً فقهياً بأنه وسيلة من وسائل العلاج لصعوبة الإنجاب في علاقة جنسية مشروعة المقصود بها الزواج".
وأشار الدكتور الهيتي إلى الاتجاه الذي سار فيه المشرع البحريني والسعودي حيث اعتبرا العقم الذي يجيز للزوجين اللجوء للتلقيح الاصطناعي هو عدم حدوث الحمل وبالتالي عدم قدرة الزوجين على الإنجاب بعد مرور اثني عشر شهراً من الحياة الزوجية المستمرة.
وقال إن عدم اشتراط المشرعين أن يكون التلقيح الاصطناعي هو الطريقة الوحيدة للإنجاب هو محل تقدير لأنهما جنبا الزوجين المشقة النفسية والاجتماعية والمالية التي تتطلبها مراجعة الأطباء وضرورة إبدائهم الرأي بأن التلقيح الاصطناعي هو الوسيلة والحيدة لعلاج علتهما.
التعريف البحريني يشوبه القصور
وقارن الدكتور محمد بين التعريف الخاص بالتلقيح الاصطناعي الخارجي أو ما يعرف بطفل الأنبوب في التشريعين البحريني والسعودي، مشيراً إلى أن الأخير عرفه بأنه "عملية تلقيح بويضات الزوجة بعد سحبها من المبيض بالسائل المنوي للزوج في المعمل وحفظها تحت ظروف معينة ثم إعادة الأجنة أو اللقيحة إلى رحم الزوجة بعد التأكد من حدوث الانقسام السليم"، بينما عرفه المشرع البحريني بأنه "تلقيح بويضة الزوجة بالحيوانات المنوية للزوج في المزرعة".
وأوضح أن التشريع البحريني جاء ناقصاً ويعتريه القصور بشأن المدلول الحقيقي للتلقيح الاصطناعي الخارجي، كونه تجاهل عملية زرع البويضة الملقحة في رحم الزوجة بعد تحقق الإخصاب.
وشدد الدكتور الهيتي على ضرورة الاتجاه إلى تجريم التلقيح الاصطناعي غير المتماثل والمعنون بـ"مساعدة الغير"، لافتاً إلى أنه بات واقعاً في بعض البلدان حيث تشير التقديرات إلى أن ما بين 6000 إلى 20000 ولادة عن طريق التلقيح الاصطناعي بمساعدة الغير تحدث كل عام، فيما كشف التقرير الصادر من مختبر حفظ الخلايا في ولاية فلادلفيا عن ولادة ما يقارب 30000 طفل كل سنة لنساء يستخدمن المتبرعين بالحيوانات المنوية، لكنه ألمح إلى عدم واقعية تلك الأرقام نظراً للجوء البعض لإخفاء العملية ولعدم تتبع الأب أو المتبرع، وخوف بعض الأطباء من التصريح بإجرائهم تلك العمليات.
المتبرعة تتقاضى 150 ألف دولار والمتبرع 900 فقط
وكشف أن المرأة المتبرعة بسحب البويضة منها تتقاضى ما بين 5000 إلى 150000 دولار لكل دورة تبرع خلافاً للرجل الذي قد يتقاضى 75 دولاراً لكل عينة وبحد أقصى 900 دولار شهرياً، ويجرى ذلك عبر شبكة الإنترنت والإعلان في الجامعات الأمريكية، وطالب بتجريم هذه التبرعات وملاحقة من يمارسها لتعارضها مع كرامة الإنسان الذي كرمه الله لأنه ستحول لسلعة خاضعة للعرض والطلب.
وأوضح أن المشرع البحريني قد عاقب بالحبس مدة لا تقل عن ثلاث سنوات ولا تزيد عن عشر سنوات وبالغرامة التي لا تقل عن عشرة آلاف دينار ولا تزيد عن عشرين ألف دينار، في حال مخالفة الفقرة (ب) من المادة السابعة والتي تتضمن التلقيح بنطف غير الزوج، وتخصيب بويضة من غير الزوجة، إلا أنه طالب بإعادة النظر في النص لأنه قصر العقاب على المؤسسة الصحية أو الطبيب الاستشاري أو الاختصاصي أو الفني المتخصص في علم الأجنة، رغم أن هذا الأمر لا يتم إلا بموافقة الزوجين أو رغبتهما في ذلك، ودعا لأن يكون هناك جزاء يفرض على الزوجين أيضاً.
ولفت الهيتي إلى أن المواثيق الدولية والدساتير لم تذكر الإنجاب لا بصورته الطبيعية (الاتصال الجنسي) ولا عبر الوسائل الاصطناعية (التلقيح الاصطناعي) صراحة لكنها، ومن خلال اعترافها بالزواج وبتكوين الأسرة وإقرارها بوجوب حماية المجتمع والدولة لذلك: فإنها بذلك تعترف بالتلقيح الاصطناعي باعتباره وسيلة من وسائل تكون الأسرة.
وانتهى إلى التوصية بإعادة النظر في مصطلح العقم لدى المشرع البحريني والسعودي لعدم دقته واستعمال المصطلح البديل وهو "صعوبة الإنجاب" حتى يتطابق المعنى الاصطلاحي مع المعنى الحقيقي.
وقال إن على المشرع البحريني أن يلتفت إلى النقص الذي يعتري مدلول "طفل الأنبوب" الذي أورده من ضمن التعاريف التي تضمنها القانون وأن يعالج النقص الذي يعتريه؛ لأنه لم يتضمن في مدلوله عملية زرع البويضة الملقحة في رحم الزوجة بعد تلقيحها بمني الزوج، الأمر الذي تجنبه المشرع السعودي.
وطالب الباحث المشرع البحريني بالعمل على إفراد نص خاص يعاقب بموجبه الزوجين في حالة التلقيح الاصطناعي غير المتماثل لأن الأمر ما كان ليتم لولا رغبتهما في ذلك وموافقتهما.
كما دعا لإفراد نص خاص يجرم فيه لجوء المرأة غير المتزوجة أو التي مات عنها زوجها إلى التلقيح الاصطناعي، لا سيما أمام انفتاح المجتمعات والتغيرات التي يمكن أن تطرأ.