أصبح من الشائع أن يشارك الأبناء في مسابقات فنيّة أو ثقافية أو غيرها ويتم نشرها على منصات التواصل الاجتماعي المختلفة بحيث تعتمد نتائج تلك المسابقات على عدد التأييد الذي يتم الحصول عليه بالضغط على علامة التأييد «لايك». وتبدو العملية منصفة إذ إنّها تعتمد على رأي الجمهور في التقييم، ولكنّها تحمل فجوة واسعة من الممكن أن توجه النتائج بعيداً عن حقيقة جودة العمل. فنرى العديد من الرسائل التي تُرسل من قبل الآباء والأقرباء تطلب من مستلمها وضع تأييد «لايك» على عمل لأبنائهم المشاركين في المسابقة. فمن الممكن أن يقوم مستلم الرسالة بوضع علامة التأييد «لايك» مع وجود من هم أجدر بها في تلك المسابقة إما حباً في الطفل وأسرته، أو خوفاً من اتهامه باللامبالاة وعدم احترام تآزر العائلة، أو رغبة في كسب مودة والدي الطفل وأقربائه والقيام بجميل من أجلهم.
وعلى مستوى الأبناء، فمع وجود جوانب إيجابية لتلك الممارسة كتكريس قناعة الأبناء بأنّهم هم وموهبتهم محل تقدير واهتمام من أسرهم ومعارفهم ببذلهم جهداً وتحشيداً من أجل فوزهم، إلا أنّ لهذه الممارسة جوانب سلبية عميقة من شأنها أن تترسخ في شخصية الأبناء وتبني لديهم مفاهيم وقناعات سامة مؤذية. ومن أهم تلك المفاهيم والقناعات المؤذية هي أنّ:
- النجاح يعتمد على عدد المعارف وتفاعلهم وليس على مهارة الشخص وجهده.
- تعبير الآخرين عن محبتهم يكون من خلال الاستجابة لطلب التأييد، وإن لم يكن ذلك التأييد نابعًا من قناعتهم باستحقاقه.
- لا بأس بأن يُظلم أحداً يستحق الفوز فعلاً إذا كان منافسه شخص ، فميزان العدالة يميل نحو من نحب وليس من يستحق.
- من حق الشخص أن يطلب من أقربائه ومعارفه أو يتصرفوا بما يتناسب مع ما يرغب، وإن لم يفعلوا فذلك يعني بأنّ هؤلاء الأقارب والمعارف لم يقوموا بواجبهم تجاهه كما يجب.
- الغلبة للكثرة وليس للجودة. فليس بالضرورة أن تكون المنافسة شريفة استناداً على جودة العمل، فالمنافسة تعتبر شريفة أيضاً إذا كان عدد التأييد «لايك» كبيراً إذا ما كان المؤيدون هم أفراداً حقيقيين بغض النظر عن دوافعهم.
- عند اشتراك أكثر من طفل من العائلة الممتدة في المنافسة، من الممكن أن يؤدي اختيار الأفراد لتأييد لأحد الأطفال، أو التعامل معهم بالتساوي تحسسًا يؤدي إلى سوء فهم ومشكلات في العلاقات في حال وجود توقعات بالتفضيل من الطفل وأسرته.
- في حال عدم الفوز، قد يوعز ذلك لتقصير الأقارب والأصدقاء في الدعم وليس لوجود عمل أجدر في الفوز في تلك المنافسة. فيتعلم الأبناء إلقاء الملامة على الآخرين في حال عدم حصولهم على ما يتوقعون وليس مراجعة أدائهم وتقويته.
فمن شأن هذه النتائج أن تتحوّل لقناعات في أذهان الأبناء تنعكس في أمور مختلفة من حياتهم الحالية والمستقبلية. فالقناعات التي تُبنى في الصغر والتي يشارك في صنعها الآباء -خاصة في المواقف التي تحمل مشاعر وإثارة كالمسابقات والمنافسات- تكون تلك القناعات راسخة بشكل أعمق في أذهان الأبناء. فتتحول بصورها الأشد حين يكبرون، فتكون منطلقًا للتعامل مع أسرهم الحالية والمستقبلية وزملاءهم وأبناء مجتمعهم.
يداً بيد نساهم في رفع ثقافة دعم الأطفال وحفظ كرامتهم.. ثق بأبنائك وساندهم في تطوير مهاراتهم واحرص على تكريس المفاهيم القيمية المتعلقة بالمنافسة من خلال معرفتهم بأنّ الفوز الذي يحصل عليه الإنسان مجاملة واعتماداً على المعارف ليس فوزاً يمكنه أن يبني نجاحاً للفائز وثقة بذاته وبقدراته. ومن جانب آخر، ساهم في تصحيح ميزان العدالة في المجتمع بأن لا تظلم أحداً بتأييدٍ في مسابقة بناء على معرفتك لأحد مع عدم استحقاقه لتأييدك. وتذكّر بأنّ لديك قدرات فريدة تستطيع أن ترفع فيها من الثقافة القيمية المساندة للأطفال، وبناء مجتمع أكثر أمناً لهم.
* أخصائية واستشارية ببرنامج « كن حراً» - جمعية البحرين النسائية
وعلى مستوى الأبناء، فمع وجود جوانب إيجابية لتلك الممارسة كتكريس قناعة الأبناء بأنّهم هم وموهبتهم محل تقدير واهتمام من أسرهم ومعارفهم ببذلهم جهداً وتحشيداً من أجل فوزهم، إلا أنّ لهذه الممارسة جوانب سلبية عميقة من شأنها أن تترسخ في شخصية الأبناء وتبني لديهم مفاهيم وقناعات سامة مؤذية. ومن أهم تلك المفاهيم والقناعات المؤذية هي أنّ:
- النجاح يعتمد على عدد المعارف وتفاعلهم وليس على مهارة الشخص وجهده.
- تعبير الآخرين عن محبتهم يكون من خلال الاستجابة لطلب التأييد، وإن لم يكن ذلك التأييد نابعًا من قناعتهم باستحقاقه.
- لا بأس بأن يُظلم أحداً يستحق الفوز فعلاً إذا كان منافسه شخص ، فميزان العدالة يميل نحو من نحب وليس من يستحق.
- من حق الشخص أن يطلب من أقربائه ومعارفه أو يتصرفوا بما يتناسب مع ما يرغب، وإن لم يفعلوا فذلك يعني بأنّ هؤلاء الأقارب والمعارف لم يقوموا بواجبهم تجاهه كما يجب.
- الغلبة للكثرة وليس للجودة. فليس بالضرورة أن تكون المنافسة شريفة استناداً على جودة العمل، فالمنافسة تعتبر شريفة أيضاً إذا كان عدد التأييد «لايك» كبيراً إذا ما كان المؤيدون هم أفراداً حقيقيين بغض النظر عن دوافعهم.
- عند اشتراك أكثر من طفل من العائلة الممتدة في المنافسة، من الممكن أن يؤدي اختيار الأفراد لتأييد لأحد الأطفال، أو التعامل معهم بالتساوي تحسسًا يؤدي إلى سوء فهم ومشكلات في العلاقات في حال وجود توقعات بالتفضيل من الطفل وأسرته.
- في حال عدم الفوز، قد يوعز ذلك لتقصير الأقارب والأصدقاء في الدعم وليس لوجود عمل أجدر في الفوز في تلك المنافسة. فيتعلم الأبناء إلقاء الملامة على الآخرين في حال عدم حصولهم على ما يتوقعون وليس مراجعة أدائهم وتقويته.
فمن شأن هذه النتائج أن تتحوّل لقناعات في أذهان الأبناء تنعكس في أمور مختلفة من حياتهم الحالية والمستقبلية. فالقناعات التي تُبنى في الصغر والتي يشارك في صنعها الآباء -خاصة في المواقف التي تحمل مشاعر وإثارة كالمسابقات والمنافسات- تكون تلك القناعات راسخة بشكل أعمق في أذهان الأبناء. فتتحول بصورها الأشد حين يكبرون، فتكون منطلقًا للتعامل مع أسرهم الحالية والمستقبلية وزملاءهم وأبناء مجتمعهم.
يداً بيد نساهم في رفع ثقافة دعم الأطفال وحفظ كرامتهم.. ثق بأبنائك وساندهم في تطوير مهاراتهم واحرص على تكريس المفاهيم القيمية المتعلقة بالمنافسة من خلال معرفتهم بأنّ الفوز الذي يحصل عليه الإنسان مجاملة واعتماداً على المعارف ليس فوزاً يمكنه أن يبني نجاحاً للفائز وثقة بذاته وبقدراته. ومن جانب آخر، ساهم في تصحيح ميزان العدالة في المجتمع بأن لا تظلم أحداً بتأييدٍ في مسابقة بناء على معرفتك لأحد مع عدم استحقاقه لتأييدك. وتذكّر بأنّ لديك قدرات فريدة تستطيع أن ترفع فيها من الثقافة القيمية المساندة للأطفال، وبناء مجتمع أكثر أمناً لهم.
* أخصائية واستشارية ببرنامج « كن حراً» - جمعية البحرين النسائية