كثيرون هم الأغبياء من حولنا الذين لا يستطيعون فهم ما نقول، ونحتاج معهم للتبرير والتوضيح والتفسير، فتصبح الجملة القصيرة رواية من عدة أجزاء، والكلمة البسيطة تتحول لقاموس، فيضيع معهم الوقت وتحترق الأعصاب في محاولات عقيمة لإيصال جملة فقط! ومع كل ذلك يختارون ألا يفهموا المطلوب، ويصّرون على البقاء أغبياء كما هم، مما يثير جنونك وسقمك، ومع الوقت تكره الحديث معهم وتجاهد لتجنبهم، وإن أمكنك ألا تلتقي بهم في هذه الدنيا مرة أخرى فسيسعدك ذلك جداً.
لكنك ملزم ببعض العلاقات ولا يمكنك الفرار منها، مثل زملائك في العمل، وإخوتك، وأصدقائك وأهلك. وأنت المسكين عليك أن تتعامل مع أكوام الغباء هذه ولا مفر من هذه الورطة!
في حقيقة الأمر، يقوم البعض منا بلصق تهمة «الغباء» بالآخرين وأنهم جاهلو المعنى ومحدودو التفكير، في حين أننا نرى أنفسنا الأذكياء الذين غَفَل عن عبقريتنا آينشتاين! فلا نسمح لأحد أن يشكّك في كلامنا، بل نحن أنفسنا لا نقوم بالتفكير فيما قلناه مرتين وكأن كلامنا منزّه عن كل خطأ، مع كامل التوقع أن الطرف الآخر «الغبي» قد فهم ما نقصده ونريده! وهنا مصدر الخلل ومنشأ الخلافات وسبب لفشل العلاقات أياً كان نوعها.
فالكلمة لم تصل بشكل واضح، لأن المعنى الحقيقي لها لم يتعدَّ أسوار عقل الشخص المتكلم، وبالتالي لا أحد يعلم ما الذي يدور في العقول سوى الله! ولكن من هو الغبي بالفعل؟ خذ دقيقة للتفكير.
الغبي هو الذي لا يرى عيوبه ويعيش طوال العمر معلقاً الأعذار على الشماعات.. يختار منها ما يناسب مزاجه لتبرير أفعاله.. يرى الجميع أغبياء لأنه يعتقد أن النابغة الذي لا يجاريه أحد، في حين لو أنك ناقشته في بعض الأمور لخرس عن الإجابة وغيرّ الموضوع.
وحتى تعرف من أي الفئتين أنت عليك أن تعرف أن الذكاء يكمن في الطريقة التي تصل بها للآخرين. فمهارات التواصل تحتاج منك أن تفهم المتلقي الذي أمامك وتحاول بلغة واضحة ومفهومة أن توصل له المطلوب حتى يكون هناك حوار جيد يرتقي لعقلية الجميع. فكما تخاطب الطفل بعفوية وتبسيط للكلمات عليك أن تراعي الآخرين أيضاً وتقترب بالحديث من مستواهم دون أن تهين أحداً أو تقلل من احترامه. فالحوار ليس حرباً لينتصر طرف على الآخر بل ليفوز كلا الطرفين معاً وتصل المعلومات بالصورة المطلوبة.
فإن كنت ترى أن الآخرين أغبياء وأنت المسكين الوحيد الذي لا يفهمك أحد، فربما عليك مراجعة نفسك أولاً!
أميرة صليبيخ