رئيفة عبدالعزيز

نكهتك..


هل تتوقّعونَ أن أتحدّث عن النّكهات الغذائية كما جاء في صيغة عنوان المقال؟، هذا صحيح.. ولكن ليست نكهات غذائية، بل هي نكهات بشريّة، تلك النّكهة الخاصّة لكُل إنسان والتي جاءت معهُ لحظةَ ولادتهِ، تلك التي تجعل الإنسان لا يتطابق مع آخر كبصمة الإصبع، تلك التي تجعل الإنسان متفرّداً ومتميزاً عن غيره.

جميع البشر يأتون لهذه الحياة ومعهم خلطة مُنكّهة خاصّة بهم، وتلك النكهة هي خاصيّة هويّتهم الشّخصيّة، يتم تخبئتها في مكانٍ ما.

فمنذ لحظة ولادتهم حتّى سن البلوغ تقريباً وهُم يستخدمون نكهة والديهم بطبيعة الحال أو من قاموا على تربيتهم، فهُم يعيشونَ كوالديهِم تماماً، يُفكّرون ويتصرّفونَ مثلهما ويتنكّهونَ بأخلاقهما وإلخ.

ولا تعجبوا إن أخبرتكم أنّ غالبية النّاس يعيشون كذلك، وتنتهي حياتهم ولم يكتشفوا نكهتهُم الخاصّة بعد.

إنّ البشر بطبيعتهم يعشقون الرّاحة، وعادةً ما يختارون الأشياء الجاهزة التي لا تتطلّب منهُم جُهداً كبيراً، فلذلك هم يستخدمون نكهات آبائهم ويغفلون عن مهمّة البحث عن نكهاتهم ونشرها للعالم.

ولكن هُناك من يُستثنى منهم ويتذكّر نكهتهُ الخاصّة، ويشعر بمسؤوليّتهُ في البحث عنها ويرى أنّ الموضوع يستحق العناء، فيبدأ بالتّخلّي عن نكهة والديهِ شيئاً فشيئاً، ومن هنا تبدأ تحديّاته مع أهلهُ الذين لا يسمحون لهُ بتجربة نكهتهُ الجديدة، بحجّة خوفهُم عليه، فلرُبّما كانت نكهتهُ فاسدةً أو مسمومةً أو أنّها ليست على مذاقهم .

وهو بِدوره يحاول أن يشرح لهُم مدى استمتاعه برحلة البحث وشعورهُ بأنّ نكهتهُ متميّزة، ولكن عبثاً تُحاول .. ففي الغالب لن يسمحوا له.

وبعدها سيُضطر لاختيار أحد الخيارين:

إمّا أن يُظهر شجاعتهُ، ويُواجه الجميع من أجل حقه في التجربة، هذا في حال أنّهُ قد نسف الخوف الذي استمدّهُ من نكهتهم. وإمّا أنّهُ سيتراجع عن رحلة البحث وسيعود لاستخدام نكهتهم العامّة، بسبب الخوف الذي قد تبنّاهُ من نكهتهم، رُغم أنّهُ واثقٌ من روعة نكهته . فلهذا يجب على كُل إنسان عاقل البحث عن نكهته الخاصّة واكتشافها، لأنّها سبب لِتواجدنا على هذهِ الأرض، وسبب لِاستمرار الحياة بشكل أفضل وأجمل، فنكهتك باختصار هي «أنت».