رؤى الحايكي
إن الخرس الاختياري هو أحد أنواع اضطرابات القلق، ويتصف المصاب به بعدم القدرة على التحدث مع الأشخاص بشكل عام. ولم يستطع أطباء الصحة النفسية معرفة السبب الرئيس وراء هذا الصمت التلقائي.
ولكن يفترض أن يكون تطوره ناتجاً عن قلق اجتماعي وراثي أو كنتيجة تعرّض الشخص لصدمة نفسية أو اعتداء في طفولته.
وقد بينت الدراسات بأن الصغار أصبحوا يتعرضون بشكل أكثر لهذا النوع من القلق والاضطراب بسبب ضعف الملاحظة المتأنية من جهة الأهل للطفل وعدم استيعاب التغيّرات النفسية التي تصاحب تطوّره وتفاعله مع محيطه.
وقد تطرّقت في مقال سابق لموضوع التباكم وعلاجه. ولأني أعتقد بأن الموضوع مهم جداً ويتطلب تسليط للضوء، ارتأيت أن أتطرق له مجدداً.
هناك أسباب كثيرة وراء الخرس الاختياري عند الصغار منها على سبيل المثال لقاء الغرباء، فمثلاً يتوتر الصغار عند لقاء الغرباء ممن يعرفهم الأهل ولكنهم غير معروفين عند الطفل.
وخاصة إذا كان أولئك الصغار يفضلون عدم الاختلاط أو يميلون للانعزال في عالمهم الخاص.
وتشير مواقع إلكترونية كثيرة متخصصة بالتربية مثل موقع «بيبي سنتر» الألماني إلى «أن الأطفال حتى سن الثالثة لا يفهمون معنى كلمة «غريب» وفي سن الرابعة يبدؤون في استيعاب معنى الكلمة عن طريق الربط الذهني بالواقع».
وهناك أيضاً أسباب أخرى متعددة لمشكلة الخرس مثل تعرض الطفل للإهمال أو تعرّضه للإساءة أو الصدمة التي لا يستطيع فهمها أو التحدث عنها.
وعلى الوالدين عدم القلق، فهناك علاجات مختلفة لهذا الاضطراب يقوم بها اختصاصي أمراض النطق واللغة، منها على سبيل المثال، وضع الطفل داخل بيئة مريحة له وهادئة جداً تمكّنه من التواصل بسهولة مع شخص يعرفه، ثم وبشكل تدريجي يتم نقل الطفل إلى بيئة أخرى غير مريحه وعليه التواصل مع نفس الشخص من خلال تشجيعه على ذلك.
وهناك علاج آخر يرتكز على التدرج في مستويات التواصل مع الطفل ابتداءً من الهمس وحتى الكلام المسموع . ولاحظ الأخصائيون أن هناك بعض النواحي الإيجابية عند الطفل المصاب بالخرس الاختياري منها أن درجات ذكائه أعلى بكثير من غيره من الأطفال وأن لديه قدرة أعلى على الفهم والاستيعاب بالمقارنة مع المعدل الطبيعي.
كما أن عرض الطفل على أخصائي نفسي بالتزامن مع هذه النوعية من علاجات النطق مهم جداً لمحاولة معرفة الأسباب التي أدت للمشكلة ومحاولة علاج أي أثر سلبي يمكن أن تخلفه داخل وجدانه وذاكرته.
وينصح الخبراء الوالدين بعدم استخدام أساليب الضغط مع الطفل المصاب لدفعه على الكلام، بل عليهما إخبار الطفل بأنهما يتفهمان حالته وهي مجرد شعور طبيعي بالخوف.
في نفس السياق قالت الكاتبة سلمى بدر في مقال لها عن علاج الخرس الاختياري بأنه «لا يجب أن يشعر الطفل أنه يعاني من هذا الاضطراب، ولا يجب إجباره على التجاوب عندما يطرحون عليه الأسئلة بل لابد من طمأنته وإخباره أنه بإمكانه التكلم عندما يشعر أنه مرتاح لذلك.
ومن المهم أيضاً محاولة دمج الطفل مع محيطه أكثر وأكثر من خلال تكثيف الزيارات للأقارب والأصدقاء وزيادة معدل خروجه مع أولاد في مثل عمره للعب والتسلية.
ولابد على الوالدين أيضاً عدم إظهار التعجب في حال أجاب الطفل بشكل طبيعي وكسر حاجز الصمت فجأة ومن غير مقدمات مع الغرباء الذين يقلق عادة من تواجده معهم لكي لا يشعر الطفل بتوتر الوالدين».