رئيفة عبدالعزيز
غاضبون لأنّ أفكارك لا تتوافق مع أفكارهم، غاضبون لأنّك مختلفاً عنهم في قناعاتك، لأنّك لم تسمح لهم التّدخل في حياتك، لأنّك لست على مزاجهم، لأنك لا تلبس مثلهم، لأنّك تُركّز على أحلامك التي لا تُعجبهم، لأنّك قرّرت ألا تعيش حياة تشبه حياتهم والخ من الأمور الاجتماعية والدينية والنّفسية والتي تُسبب لهم الغضب والحقد والكراهيةِ تجاه الآخرين، رُغم أنّ «المغضوب عليهم» لم يؤذوهم بشيء ولم يتعدّوا على حدودهُم الشّخصيّة !!! فما قصّة هؤلاء الغاضبين يا تُرى؟
يعيش الكثير في مجتمعاتنا حالةً من الغضب المُؤذي وذلك بسبب الخوف العميق المُسيطر عليهم، فعندما تشتعل صراعاتهم الداخليّة من دون إخماد نيرانها .. تبدأ رائحة الاشتعال تفوحُ منهم فتُسبّب الانفجار على من حولهُم، ويُمضون حياتهم هكذا في صب غضبهم وخوفهم على كُل من يُخالفهُمْ.
وتحصل هذه الحالة لأولئك الذين يعيشون حياةً مُخالِفةً للحياة الفطريّة، فقد وضعوا أنفسهم في إطارٍ ضيقٍ لا يخرجون منهُ أبداً، بينما هُنالك العديد من المساحات الواسعة والجميلة في الحياة، حكموا على أنفسهم بالسّجن المُؤبّد رُغم أنّ باب السّجن مفتوح أمامهم، اختاروا لحياتهم زاويةً مظلمةً ظناً منهم أنّها ستُشرقُ يوماً ما، رفضوا الاستماع لفئات مختلفة من النّاس بسبب عدم ثقتهم بأنفسهم وخوفهم من التأثير عليهم بتغيير أفكارهُم، والكثير من الأشياء التي سبّبت لهم تلك المشاكل الداخلية والتي جعلتهم يختارون الثّبات على ما هُم عليه طيلة حياتهم، ولكن المشكلة ليست في طريقة حياتهم، بل في إيذائهم لغيرهم.
عندما يظهر شخصٌ شجاع ويُقرّر أن يواجه مشاكلهُ الدّاخليّة ويتخلّص منها، ثمّ فجأةً يكتشف النور خارج الزاوية المظلمة التي يعيشونها، ثمّ فجأةً يُبصر باب السّجن المفتوح، فيستعد ويُهيئ نفسهُ ويقرر الخروج منه.. وهنا ترى الغاضبين يُصعقون ويبدؤون بتّهديدهُ وإيذائه، بحُجة أنّهم يخافون عليه من مخاطر الحياة والضّياع في الخارج، ولكنّهم في الحقيقة يتمنّون الخروج معهُ ولا يستطيعون ذلك لأنّهم لا يمتلكون تلك الشجاعة والاستعداد، فقد أدّى قرار صاحبهم إلى تهييج جروحهم العميقة وأشعرهم ذلك بالضعف والإحباط، فلذلك هم غاضبون، أمّا صاحبهُم فقد وجد في الخارج الحياة الحقيقيّة التي يستحقّها كإنسان.