أثارت الميزة الجديدة التي أطلقتها شركة OpenAI ضمن نظام "شات جي بي تي" موجة واسعة من القلق، ليس فقط بسبب قدراتها التقنية المتقدمة، بل لما تطرحه من احتمالات إساءة الاستخدام، خصوصًا في المجالات الحساسة كالأمن البيولوجي.

وكيل شات جي بي تي

الميزة الجديدة تعرف باسم "الوكيل" أو Agent، وهي تتيح للذكاء الاصطناعي تنفيذ مهام رقمية بالنيابة عن المستخدم مثل حجز الرحلات، وإنشاء عروض تقديمية، وتنظيم البيانات تلقائيًا، دون الحاجة إلى تدخل بشري مباشر، ولكن خطورة هذه الأداة لا تكمن في مستوى الأتمتة فحسب بل فيما يمكن أن تستغل فيه من قِبل المستخدمين خاصة في السيناريوهات التي تنطوي على أذى محتمل.

تقييم المخاطر

تشير تقارير داخلية من OpenAI إلى أن الوكيل قادر على تسهيل المعرفة العملية لغير المتخصصين في مجالات شديدة الحساسية مثل تصنيع السموم أو العوامل البيولوجية الخطيرة، عبر إرشادهم خطوة بخطوة دون أن يدرك المستخدم مدى خطورة ما يقوم به، وهذا ما دفع الشركة إلى تصنيف الميزة ضمن أدوات الذكاء الاصطناعي عالية الخطورة، والتحذير من إمكانية استخدامها في مجالات تتعدى النوايا المشروعة.

احتياطات صارمة

تؤكد OpenAI أنها تبنت سياسة وقائية من البداية، فالميزة لا تمنح لجميع المستخدمين دفعة واحدة، بل يتم اختبارها تدريجيًا، ويشترط وجود آليات رقابية تحد من تنفيذ الأوامر ذات الطابع الخطي، وجرى أيضًا دمج نظام للكشف التلقائي عن الأنشطة غير الآمنة، وتفعيل مراجعة بشرية مستمرة لأي تفاعل مشبوه.

تأتي هذه الإجراءات كجزء من التزام الشركة بعدم تعريض العامة لأي ضرر، ولو كان نظريًا، مؤكدة أنها لم تسجل حتى اللحظة أي واقعة حقيقية لإساءة الاستخدام، لكن هذا لا يمنع من التحصين المسبق ضد السيناريوهات المستقبلية.

وكلاء الذكاء الاصطناعي

هذه الميزة ليست حكرًا على OpenAI وحدها، فشركات مثل جوجل وAnthropic وMeta تطور وكلاء مشابهين بوتيرة متسارعة، وتعد هذه الأدوات مستقبل التفاعل مع الإنترنت، حيث يمكن للمستخدم أن يكتفي بطلب شفهي لتتم إجراءات كاملة من خلف الكواليس دون كتابة أو ضغط أزرار.

لكن كلما زادت قدرة الذكاء الاصطناعي على العمل بمفرده، زادت التحديات الأخلاقية والقانونية، وخاصة حين تتداخل الحدود بين ما هو نافع وما قد يكون ضارًا أو مهددًا للصحة العامة أو الأمن السيبراني.

في نهاية المطاف يبقى وكيل "شات جي بي تي" مثالًا حيًا على ازدواجية الذكاء الاصطناعي وأداة قوية قادرة على تغيير العالم نحو الأفضل، لكنها في الوقت نفسه تحمل بين طياتها بذور الخطر إذا ما أُسيء استخدامها، ويبقى دور الشركات والمجتمعات والهيئات التنظيمية هو أن تضع الضوابط قبل أن يفوت الأوان.