أكثر من ثلاثة مليارات شخص يقضون السبت نهاية أسبوع جديدة قيد الحجر الصحي في العالم في مواجهة تسارع انتشار فيروس كورونا المستجد، الذي أسفر عن وفاة أكثر من 25 ألف شخص حتى الآن ويضرب بقوة في أوروبا وخصوصاً في إيطاليا.

وحسب آخر حصيلة أعدتها وكالة الصحافة الفرنسية، استناداً إلى أرقام رسمية حتى الساعة 11:00 بتوقيت غرينتش، ارتفع عدد الوفيات بالفيروس في العالم إلى 27 ألفاً و989 منذ ظهوره في الصين في ديسمبر.

أما عدد الإصابات التي تم تشخيصها رسمياً، فقد بلغ أكثر من 605 آلاف و220 في 183 بلداً ومنطقة.

ففي شبه الجزيرة الإيطالية وحدها، قتل وباء كورونا نحو ألف شخص خلال 24 ساعة، في حصيلة يومية غير مسبوقة في بلد واحد منذ بداية الأزمة، ما يرفع العدد الإجمالي للوفيات في هذا البلد إلى 9134. وتأتي إسبانيا في المرتبة الثانية لأكبر عدد وفيات في العالم مع تسجيل أكثر من 5690 وفاة بينها 832 في الساعات الـ 24 الأخيرة.

لكن عدوى الفيروس تواصل تباطؤها في شبه الجزيرة مثيرة الأمل في أن تفضي إجراءات الحجر الصارمة التي اتخذت قبل أسبوعين إلى نتائج أخيراً، وإن لم يبلغ الوباء ذروته بعد.

وأعيد فتح مدينة ووهان الصينية التي رصدت فيها أول إصابة بالفيروس، تدريجياً السبت، بعد عزلها لشهرين ونصف الشهر تقريباً، وقد وصل إليها أول قطار يقل مسافرين منذ ذلك الحين.

في المقابل، يقول خبراء إن "الأسوأ قادم" في القارات الأخرى. فقد تجاوز عدد الإصابات في الولايات المتحدة الجمعة عتبة المئة ألف شخص "104 آلاف و837 شخصاً"، بعدما تقدم هذا البلد في اليوم السابق على إيطاليا والصين مسجلا أكبر عدد من الإصابات المعلنة في العالم. وتوفي 1600 شخص بالمرض حتى الآن في الولايات المتحدة.

ودفع هذا الوضع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى إصدار مرسوم يلزم مجموعة صناعة السيارات "جنرال موتورز" بإنتاج أجهزة تنفس اصطناعي أساسية لمرضى الفيروس حيث يرتفع عدد الذين يتم إدخالهم إلى المستشفيات منهم، وذلك فيما بدأت هذه الأجهزة تنفد بعد أسابيع من تفشي الوباء.

وقالت ديانا توريس "33 عاما" الممرضة المتخصصة بإعادة التأهيل في مستشفى في نيويورك، إنهم "يقومون بترشيد استهلاك التجهيزات". وأضافت "هذا يلزمنا بارتداء كيس نايلون فوق بزتنا لنجعل إمكانية استخدامها أطول".

وصرح المدير العام لمنظمة الصحة العالمية إن "النقص العالمي المزمن في معدات الوقاية الفردية" لطواقم المعالجين يشكل "تهديداً وشيكاً" في مكافحة وباء كورونا.

وفي فرنسا، مددت الحكومة لأسبوعين إجراءات الحجر المنزلي للسكان اعتبارا من الثلاثاء وحتى 15 أبريل.

وقام الجيش الفرنسي بنقل مرضى مصابين بالفيروس صباح السبت من ميتز إلى مدينة إيسن الألمانية بطوافة قتالية من نوع "إن إتش 90"، كما أعلنت وزيرة الجيوش فلورانس بارلي. وقال طبيب في مستشفى ميتز إنّ عمليات نقل مرضى آخرين ستجرى في وقت لاحق حسب تطور الوضع.

وفي بريطانيا حيث أعلن رئيس الوزراء بوريس جونسون الجمعة أنه مصاب بالفيروس لكن مع أعراض طفيفة، تستعد السلطات لتدفق موجة هائلة من المرضى على المستشفيات.

أما روسيا آخر قوة كبرى لم تتخذ حتى الآن أي إجراء للحجر العام، فقررت إغلاق المطاعم ومعظم المحال التجارية قبل عطلة الأسبوع. وتأمل السلطات في أن يبقى السكان في بيوتهم لكن من دون أن يكونوا مجبرين على ذلك.

من جهتها، بدأت إيرلندا السبت فرض حجر صحي عام حتى 12 أبريل.

في الدول المسلمة، من الصعب في معظم الأحيان منع المصلين من التوجه إلى المساجد.

من جهته، أدى البابا فرنسيس الصلاة وحيداً أمام ساحة القديس بطرس الخالية تماماً.

ولا تواجه كل الدول الوباء بالأسلحة نفسها.

وما زالت إفريقيا التي سجلت فيها أكثر من 3300 إصابة وأكثر من تسعين وفاة حسب حصيلة أعدتها وكالة فرانس برس، بعيدة إلى حد كبير عن الوباء. لكن المسؤول الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية، ماتشيديسو ريبيكا مويتي، حذر من أن انتشار الفيروس يتبع "تطورا دراماتيكيا".

وفي أديس أبابا، خضع رئيس المفوضية الإفريقية، موسى فكي محمد، لفحص طبي أثبت أنه ليس مصابا بفيروس كورونا المستجد، بعدما أعلن الاتحاد الإفريقي فرض حجر صحي عليه بسبب إصابة شخص يعمل في مكتبه بكورونا.

وأعلنت غانا من جهتها فرض عزل في منطقتي أكرا وغراند كوماسي الكبيرتين لأسبوعين، لتطويق انتشار الفيروس الذي أصيب به 137 شخصاً وتوفي أربعة.

لكن الأمر ليس سهلاً في جميع أنحاء العالم. ففي وسط جوهانسبرغ فرقت شرطة جنوب إفريقيا الجمعة بالهراوات متسوقين تجمعوا بكثافة في سوبرماركت.

وفي كينشاسا، حيث كان يفترض أن يبدأ السبت حجر صحي لأربعة أيام، تم تأجيل تطبيق القرار بسبب "تكهنات حول أسعار المواد الأساسية" و"لمنع أعمال يمكن أن تضر بالأمن"، حسب السلطات الكونغولية.

وفي البرازيل ألغى القضاء الجمعة مرسوما للرئيس جاير بولسونارو يعفي الكنائس والمعابد الدينية ومكاتب اليانصيب من إجراءات العزل التي فرضت في بعض الولايات. وقال القاضي إن "الكنائس والمعابد الدينية ومراكز اليانصيب يمكن أن تشجع على تجمعات وعلى التنقلات".

في مواجهة الكارثة الأخرى، الاقتصادية، التي تلوح في الأفق، تحاول الأسرة الدولية تحريك مبالغ هائلة بينما اتهمت بعض الدول الاتحاد الأوروبي بالتباطؤ في التحرك.

ووعدت دول مجموعة العشرين بضخ 5 آلاف مليار دولار لدعم الاقتصاد العالمي. من جهتها، تبنت الولايات المتحدة خطة إنعاش هائلة تتجاوز قيمتها الألفي مليار دولار لإنقاذ اقتصاد مهدد بالشلل. أما أوروبا فقررت اتخاذ "إجراءات قوية" خلال أسبوعين، ما أثار خيبة أمل وغضب إيطاليا واسبانيا، البلدين الأكثر تضرراً في القارة العجوز.

وصرح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لثلاث صحف إيطالية السبت "لن نتجاوز هذه الأزمة من دون تضامن أوروبي قوي على مستويي الصحة والموازنة"، داعيا إلى إطلاق قروض مشتركة لكل الاتحاد الأوروبي، وهو أمر ترفضه ألمانيا تماماً.

من جهته، صرح الرئيس السابق للمفوضية الأوروبية جاك ديلور لفرانس برس أن غياب التضامن "يعرض الاتحاد الأوروبي لخطر مميت". وقال إن "الأجواء التي تسود على ما يبدو بين رؤساء الدول والحكومات وغياب التضامن الأوروبي يعرض لخطر مميت".

وفي الأثناء، تحبس أسواق المال أنفاسها بعد أسبوع انتهى بارتفاع على الرغم من تراجع سجل الجمعة.