الحرة
لماذا اختار المرشد الإيراني، علي خامنئي، رئيسا متشددا لهذه المرحلة؟ وأي رسالة يريد توجيهها لواشنطن والعالم باختيار إبراهيم رئيسي؟
مناظرة قناة الحرّة عبر برنامج "عاصمة القرار" طرحت هذا الموضوع مع، بول بيلار، مساعد مدير "وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية" سابقا. وريتشارد غولدبرغ، مستشار أول في "مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات" في واشنطن. كما شارك من القدس، في جزء من الحلقة، الباحث الإسرائيلي، مئير مصري، وهو أستاذ في "الجامعة العبرية في القدس".
"انتخابات مصطنعة": عضو "لجنة الموت" رئيسا لإيران
يقول بول بيلار إن "خامنئي فاز بما يُريد" في الانتخابات ، ووجه رسالة للإيرانيين والعالم أنه يرغب بـ"استمرار نهجه عبر إبراهيم رئيسي"، الذي قد يُصبح لاحقا مرشدا أعلى خلفا لخامنئي. فالمرشد الأعلى الإيراني "حقق رغبته فيما حُرِم الإيرانيون من الأختيار الحُرّ في انتخابات غير حّرّة".
ريتشارد غولدبرغ يعتبر أن " لا انتخابات حرّة بل اختيار للرئيس من مُرشد النظام الدكتاتوري القمعي" في إيران. وبالتالي فإن رسالة خامنئي للعالم بأنه "لن يرضخ لأي مطالب غربية".
من جهته، قال مسؤول كبير في وزارة الخارجية الأميركية إن الانتخابات كانت "مُفبركة مسبقا ولا تعكس إرادة الشعب الإيراني". ويعتقد الخبير الأميركي – الإيراني كريم سجادبور، أن انتخاب، إبراهيم رئيسي، يُوحي بأن طهران "ستقاوم مساعي إدارة بايدن للتفاوض بشأن اتفاق لاحق يتناول برنامج إيران الصاروخي وطموحاتها الإقليمية".
فيما تدعو الباحثة الأميركية، سوزان مالوني، الولايات المتحدة إلى أن تكون "واضحة وصريحة: لا يمكن تبييض صفحة إبراهيم رئيسي"، المسؤول عن انتهاكات عديدة لحقوق الإنسان.
واشنطن: رئيسي مجرد إسم لا "صانع قرار"
وكانت المتحدثة باسم البيت الأبيض، جين ساكي، قد أعلنت أن الرئيس الأميركي، جو بايدن، وإدارته يعتقدون "أن صانع القرار في إيران هو المرشد الأعلى؛ هذا هو الوضع قبل الانتخابات، هذا هو الوضع اليوم، وسيستمر كذلك ربما في المستقبل". فهل يعني ذلك أن واشنطن غير مهتمة بمن يكون الرئيس الإيراني؟
يقول ريتشارد غولدبرغ إن ضعف موقع الرئاسة في إيران أمر معروف، وكل منتقدي الاتفاق النووي مع إيران قالوا ذلك للرئيس السابق، باراك أوباما، لكنه أصر على أن الإيرانيين انتخبوا رئيسا معتدلا هو، حسن روحاني. وعليه، وبعد توقيع الاتفاق عام 2015، أعاد أوباما مليارات الدولارات إلى "النظام الإيراني الراعي للإرهاب". واليوم ، يتابع غولدبرغ "هناك شخص قاتل لا معتدلين،" في الرئاسة الإيرانية.
وما يُثير اهتمام بول بيلار هو "أن الناس القلقين من الطبيعة الشريرة للنظام الإيراني يريدون التخلي عن اتفاق جَعل هذا البرنامج خاضعاً لقيودٍ وحدود". وبالتالي يُفضل أولئك المعترضون أن يعود النظام الإيراني لتخصيب اليورانيوم كما يشاء، على حد تعبير بيلار. من المنظور الإسرائيلي، لا فرق بين رئيس إيراني إصلاحي أو محافظ، لان المشكلة ليست في الرؤساء بل في النظام، فالرئيس الإيراني يُعادل رئيس وزراء في نظام رئاسي، كما يقول الباحث الإسرائيلي مئير مصري.
بايدن والعقوبات الأميركية على رئيسي: إلغاء أم تشديد؟
يقول بول بيلار إن انتخاب إبراهيم رئيسي رئيسا لإيران لا يشكل سببا لرفع العقوبات الأميركية عنه. ويضيف أنه بإمكان واشنطن التعامل فقط مع وزير الخارجية الإيراني . أما ريتشارد غولدبرغ فيدعو إلى "زيادة العقوبات" الأميركية على إبراهيم رئيسي، كي يعرف العالم أن أميركا لا تقبل "أن يُصبح القَتلة رؤساء دول" حتى في الانظمة الدكتاتورية.
أما الناشطة الإيرانية، مسيح علي نجاد، فقد وجهت هذه الرسالة للادارة الأميركية عبر حسابها على التويتر: في أي دولة طبيعية يجب أن يُحاكم شخص كإبراهيم رئيسي ، لكن في إيران يُصبح رئيساً؛ رسالتي إلى إدارة بايدن الراغبة في التوصل لاتفاق مع إيران: إن إبراهيم رئيسي مسؤول عن إعدام الآلاف من السجناء السياسيين (الإيرانيين). لقد تم وضعه في 2019 على القائمة السوداء لوزارة الخزانة الأميركية. نحن نُطلق عليه اسم القاضي صاحب المشنقة.
بدوره، يعتقد السناتور الديمقراطي كريس مورفي، أن "العقوبات التي فرضها ترامب على إيران، بما فيها العقوبات على إبراهيم رئيسي، لم تُغيرّ من سلوك إيران إلى الأفضل؛ في الواقع، لقد صار سلوكها أسوأ".
العودة إلى الاتفاق "النووي" مع إيران : ضرورة "غير كافية"
يعتقد، جون بولتون، أن انتخاب إيراهيم رئيسي "يشكل فرصة لبايدن كي يتراجع عن العودة إلى الاتفاق النووي" مع إيران. ويتوقع بولتون أن يُفوِّت بايدن هذه الفرصة، بسبب إصرار إدارته على إحياء اتفاق عام 2015، وتجاهُل الرئيس الأميركي لما تمنحه العقوبات المفروضة على طهران من أوراق ضغط لأميركا، حسب تعبير جون بولتون، مستشار الأمن القومي الأميركي سابقاً.
أما زعيم الأقلّية الجمهورية في مجلس الشيوخ الأميركي السِناتور، ميتش ماكونيل، فيرفض أن "تدفع التغييرات على مستوى القيادة الإيرانية، البيت الأبيض للمسارعة أكثر لإحياء الاتفاق الفاشل بشأن برنامج إيران النووي" والمُبرم في عهد الرئيس الأميركي الأسبق، باراك أوباما. يُصِّر ريتشارد غولدبرغ على أن انتخاب إبراهيم رئيسي سيُعقِد مفاوضات فيينا، وعليه، من الضروري أن "يُعيد الرئيس بايدن النظر بالمفاوضات مع إيران لإنها لن تؤدي إلى اتفاق أفضل" برأي غولدبرغ. من جهته، يعتقد بول بيلار أن الاتفاق مع إيران "لا يزال ممكناً" رغم انتخاب إبراهيم رئيسي. وأنه لا بديل "أسطوري أو خرافي" عن اتفاق عام 2015 لضبط البرنامج النووي الإيراني، الذي تفلّت من كل الضوابط عندما انسحب الرئيس السابق دونالد ترامب من الاتفاق، واعتمد سياسة الضغط الأقصى الفاشلة على إيران، حسب رأي بيلار، الذي يدعو إلى تسوية الخلافات قبل رفع العقوبات الأميركية عن إيران.
يُعارض غولدبرغ أي رفع للعقوبات الأميركية عن النظام الإيراني، لأن ذلك سيؤدي إلى تدفق الأموال على طهران، وفقدان واشنطن القدرة على ضبط برنامج الصواريخ الإيرانية. فيما يعتقد بيلار أن البحث ببرنامج الصواريخ الإيرانية يجب أن "يحصل من ضمن معالجة أوسع نطاقاً على مستوى الخليج" كلّه. في هذا الشأن، يقول مئير مصري إن إسرائيل تسعى لاقناع الرئيس بايدن بأن إيران قد خرقت الاتفاق النووي مراراً قبل انسحاب ترامب منه عام 2018. وبأن إسرائيل تُريد " التطرق بجدّية لبرنامج الصواريخ الباليستية الإيرانية، والتي تُشكل خطراً كبيراً على إسرائيل" على حدّ تعبير الباحث الإسرائيلي.
لكن المهم، برأي جايك ساليفان، مستشار الأمن القومي الأميركي، هو ما إذا كان النظام الإيراني برمته مستعداً للقيام بالتزامات يمكن التحقق منها لوضع قيود على برنامجه النووي.
فيما تستمر مفاوضات فيينا بشأن العودة للالتزام المشترك بخطة العمل الشاملة المشتركة، يبقى التحدّي الثاني الكبير أمام الإدارة الأميركية، هو "نووي إيران الجديد"، والمتمثل في أنظمة الصواريخ والميليشيات المُسلّحة والمدعومة من النظام الإيراني، والتي تعمل في اليمن والعراق وسوريا ولبنان ، وتُشكّل – بنظر أميركا - خطراً على استقرار الشرق الأوسط، وعلى القوات الأميركية العاملة هناك، لذلك تعتبر الإدارة الأميركية أن العودة إلى الاتفاق النووي "هي البداية وليست النهاية"، لأنه لدى واشنطن الكثير من القضايا التي تثير مخاوفها من نشاطات طهران المزعزعة للمنطقة والعالم.