هل أنت من النوع الذي يستسلم للفشل؟!

أطرح هذا السؤال، لا ليحاول البعض «التجمل» بالإجابة بطريقة تبينه قوياً وقادراً على تحمل الظروف وأنه يرفض الاستسلام، بل أطرحه ليسأل كل شخص نفسه، ويكون صادقاً معها، إذ هل هو من النوع الذي يرفع الراية البيضاء معلناً الاستسلام حينما يفشل في أمر ما؟! أم أنه قوي كفاية حتى يكون هذا الفشل بمثابة «صفعة» تعيده للواقع، وتجعله يتعامل معه، وكأنه أولى خطوة من خطوات النجاح؟!

هناك قاعدة ذهبية في علم الإدارة «الحقيقي» لا «التنظيري»، تقول إن «الأقوياء» هم الذين لا يستسلمون أمام الفشل، بل هم من يجعلهم الفشل يخرجون أفضل ما لديهم.

يقول رجل الأعمال الأمريكي المتخصص في التنمية البشرية «روبرت كيوساكي» إن «الفشل جزء من عملية النجاح، وتجنب الفشل تجنب للنجاح أيضاً».

هذه المقولة قد تقاربها مقولة شهيرة نستخدمها في مجتمعاتنا، مفادها بأن «من لا يعمل لا يخطئ»، دلالة على أن الجالس في مكانه كـ «الجماد» لن يقع في أخطاء، لأنه ببساطة لا يعمل، مع ملاحظة أن أكبر خطأ وأكبر فشل، هو أن يتحول الإنسان إلى «مادة» لا تنفع ولا تضر، حتى الجماد قد يكون ذا نفع أكبر منه.

لماذا إذاً كثيرون يستسلمون للفشل؟!

النظرية تقول إن الشخص الضعيف هو الذي يقبل أن يكون ضحية للفشل، هو الذي يقبل بأن يسقط صريعا عند أول لكمة من أول فشل يقع فيه، بينما الأشخاص الأقوياء هم من يعتبرون الفشل أول خطوة من طريق طويل ومشوار لا ينتهي من النجاح.

تقول الكاتبة «آمي مورين» مؤلفة كتاب «13 أمرا لا يفعلها الأشخاص الأقوياء ذهنيا»، بأن «العديدون من الأشخاص يستسلمون لأن لديهم طريقة تفكير ثابتة حول قدراتهم. يعتقدون أنهم لا يسيطرون نهائيا على مستوى موهبتهم، لذلك لا يكلفون أنفسهم عناء التحسن والمحاولة مرة أخرى بعد الفشل. ويعتقدون أنك إذا لم تتمتع بموهبة فطرية لفعل شيء ما عند ولادتك، فلا جدوى من محاولة التعلم».

هذه نظرة الأشخاص الضعفاء، والكارثة لو كانوا أصحاب مواقع قيادية، إذ لا يمكن لقيادي ضعيف أن يتفوق على الفشل، النجاح مرهون فقط بالأقوياء، وهذه القوة بالأخص الإدارية، ليست فقط محصورة على أصحاب الموهبة الفطرية و«الكاريزما» الشخصية، بل يمكن أن يكتسبها من يتعلم من أخطاءه، ومن لا يكسره الفشل، ومن لا يحاول خداع نفسه قبل خداع الآخرين بأنه قادر على النجاح، في حين هو مصدر للفشل.

يحصل الفشل، لأننا نكرر نفس الأخطاء، وهذه قاعدة إدارية ثابتة، إذ لا يمكنك اتباع نفس الأساليب والاستراتيجيات بشكل متكرر وتتوقع بعدها نتائج مغايرة، هذا ضرب من الجنون.

لذلك فيما نقول هنا رسالتان، الأولى شخصية لكل فرد يرى في الفشل «وحشا» يجعله يرتعب من تكرار المحاولة، إذ هذا التخوف والتردد هو الذي يجعل الفشل سمة متأصلة فيك، الخوف من التغيير، الخوف من الاعتراف بالفشل، الخوف من الإقرار بالخطأ وتحمل مسؤوليته، الخوف من تجربة أساليب مختلفة واستراتيجيات متطورة عما تم استخدامه سابقا.

والرسالة الثانية، موجهة للقيادات العليا، والتي تضع نصب عينها ومن أهدافها الإرتقاء بمنظومات العمل والوصول لمخرجات متقدمة ونتائج مبهرة تنعكس إيجابا على البلد والمجتمع، رسالة مفادها بأننا في وضع بتنا بحاجة ماسة فيه لوضع الأقوياء في مواقع مسؤولية، لوضع من لا يخافون الفشل والاعتراف بالأخطاء، ومن يرفعون أسلحتهم لمحاربة هذا الفشل وإبداله بالنجاح، وهم قادرون على ذلك، لأنهم أقوياء بالتالي لا موقع للإعراب لديهم لكلمة «الاستسلام».

من يخشى الوقوع في الفشل، سيظل دوما دونما مبادرات شجاعة وقوية تتطلع للنجاح، بالتالي ترقب المعجزات والإنجازات الحقيقية من هذا النوع تضييع وقت، وتضييع جهود وأموال، وبالإمكان تحقيق كل ذلك لو كانت الأدوات قوية لا تستلم ولا يوقفها الفشل.