قبل نحو عام كتب أحدهم تغريدتين مهمتين، ملخص الأولى «2018 فرصة جديدة لمداواة النزيف والعودة إلى العمل السياسي. لا نريد المزيد من الضحايا. وسطاء المصالحة، العمل الآن وليس غداً»، وملخص الثانية «الشخصيات التي تملك رؤية مختلفة لحلحلة الأزمة في البحرين عليها ألا تتوارى بذريعة أن لا مساحة، خلق الفرصة جزء منها والانتظار انتهازية». التغريدتان تهتمان بموضوع واحد وتعبران عن وضع غير طبيعي يحتاج إلى تصحيح وتقولان باختصار إنه لا مفر من العمل على توفير الفرص اللازمة للإفلات من هكذا حال يضر بالوطن ويؤثر سلباً على التنمية ويجعل من التوتر سيداً والمستقبل غامضاً، وإن المسؤولية الكبرى تقع على عاتق من يملكون رؤية تتيح لهم عمل ما يعين على حل المشكلة، وأن القول بأنه لم يعد هناك مجال للتحرك وعمل شيء في هذا الاتجاه قول خاطئ ومردود عليه وغير واقعي. وهذا أمر صحيح دونما شك، فالمساحة موجودة دائماً والأمر لا يحتاج إلا إلى التحرك العاقل الذي يتوفر في البحرين الكثير من المؤهلين للقيام به.

لكنْ هناك أمر، فتطورات الوضع في البحرين تؤكد أنه في مقابل المرونة التي تبديها الحكومة في معظم أو كل الأوقات يسعى البعض إلى ممارسة كل سالب من الأمور والمواقف إما بهدف تعقيد الوضع أملاً في حصول تغيير ما في المنطقة يصب في صالحه أو بسبب قلة خبرته وعناده وانقياده للخارج الذي لا يهمه غير مصلحته، وهذا يعني أن المشكلة ليست مع الحكومة ولكنها مع ذلك البعض الذي يعتقد أن كل من يسعى إلى «حلحلة الأزمة» منحاز بالضرورة إلى الحكومة وأن كل حل لن يكون في صالحه إلا إن حصل على كل شيء ولم تحصل الحكومة والأطراف الأخرى ذات العلاقة على أي شيء.

لولا مثل هذا التفكير الضيق الذي يسيطر على ذلك البعض الذي صار يصعب إطلاق صفة «معارضة» عليه بسبب عدم تمكنه من استيعاب معنى المصطلح ومن ممارسة هذا الدور لسهل تحرك الشخصيات التي تمتلك الرؤية ولصار ممكناً التوصل إلى حلول ترضي الجميع وتنهي المشكلة. مثال ذلك ما انتشر أخيراً عن تحرك إحدى الشخصيات الدينية وما طرحه من أفكار معتدلة حيث تم اتخاذ موقف سالب منه وباشر البعض في إطلاق الكثير من الصفات السالبة عليه.

عدم وضوح مفهوم «المعارضة» لدى ذلك البعض وغيره من «الأبعاض»، واعتبار كل مجموعة نفسها هي «المعارضة» وهي من ينبغي من الحكومة أن تتواصل معها، واعتبار البعض أن «زعامة المعارضة» لديه هو دون الآخرين، وعدم «تفاهم» من يعتبرون أنفسهم «معارضة» مع بعضهم البعض، كل هذا يدفع الحكومة -بل كل حكومة- إلى عدم فتح الباب للتفاهم والتحاور مع أي «معارضة» بل عدم الاعتراف بها كلها، وهذا سبب أساس في تأخر التوصل إلى نهاية مع هذا الذي نفذ قبل سبع سنوات تلك القفزة المجنونة في الهواء واستسهل معنى «الثورة» واعتقد أن بإمكانه أن يفعل كل ما يريد ويتسلم زمام الحكم في البلاد.

الحقيقة التي ينبغي أن يدركها ذاك هي أن الطريق الذي اختاره لن يوصله إلى النهاية التي يحلم بها، وأن الإصرار على المضي في هذا الطريق وفي رفع السقف لن يحقق من ورائه شيئاً، وأن وضع البيض في سلة إيران نتيجته سالبة، فإيران لا تبحث إلا عن مصلحتها، ومصلحتها تدفعها إلى الدوس في أي لحظة على كل الذين تستفيد منهم اليوم والذين عليهم أن يدركوا أن إيران تستغلهم كأدوات ولا تقف معهم من أجل سواد عيونهم.

لعل سبب انتظار ذوي الرؤية وتأخرهم عن التحرك بات معروفاً.