* انتخابات برلمانية في كردستان وسط توقعات بإقبال ضعيف

* كردستان العراق ينتخب نوابه بلا حماس بعد خسارة حلم الدولة

* أكثر من ثلاثة ملايين ناخب يحق لهم التصويت في الاقتراع



* 700 مرشح يتنافسون على 111 معقداً في برلمان الإقليم

* واشنطن تُغلق قنصليّتها في البصرة وتندد بتهديدات إيرانية

بغداد - وسام سعد

تنطلق الانتخابات العامة في إقليم كردستان الأحد، فيما يبلغ المجموع العام لمن يحق لهم التصويت في اقتراع برلمان الإقليم 3 ملايين و85 ألفاً و461 مواطناً بحسب ما أفادت به المفوضية.

وقبل عام، وفي سبتمبر 2017، صوت إقليم كردستان العراق في أجواء من البهجة من أجل استقلاله. ولكن بعد مرور عام، بات حلم الدولة بعيداً.

وشمل التصويت الخاص الذي انتهى الجمعة 170 ألفاً و469 شخصاً في قوات البشمركة والأجهزة الأمنية بكافة أفرعها في مختلف مناطق إقليم كردستان.

وتراقب الانتخابات 22 منظمة دولية بعد تسجيل أسمائها لدى مفوضية انتخابات الإقليم وسيختار ناخبو الإقليم 111 نائباً عبر دائرة انتخابية واحدة في وقت يتنافس 709 مرشحين ضمن تحالفَين من 8 كيانات موزّعة على موالاة ومعارضة على 100 مقعد و64 مرشحاً ضمن 19 كياناً مُمثِلة للمكونات على "كوتا" من 11 مقعداً. وقد انتهت مساء الجمعة الحملات الدعائية مع حلول فترة الصمت الانتخابي.

ويوجد 1200 مركز انتخابي في محافظات الإقليم الثلاث أربيل والسلمانية ودهوك وبلغ عدد المراكز المؤهلة لاستقبال الناخبين 5933 مركز تصويت.

وهناك ثلاث تحالفات يتقدم من خلالها المرشحون، وهي تحالف سردم المعاصر الذي يضم الحزب الاشتراكي الديمقراطي الكردستاني وحزب العمال والكادحين الكردستاني والاتحاد القومي الديمقراطي في كردستان وتحالف الوحدة القومية ويضم حزب بين النهرين المسيحي وحزب الاتحاد الديمقراطي الكلداني وتيار شلاما والمجلس القومي الكلداني وجبهة الإصلاح وتضم حزب الاتحاد الإسلامي والحركة الإسلامية في كردستان العراق.

وفي ظلّ ضعف التوقعات بارتفاع حظوظ الأحزاب المعارِضة يُرجّح التمديد للحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني اللذين يقتسمان السلطة منذ نحو 30 عاماً، خاصة أن تقديرات الأحزاب الرئيسة تدور حول احتمال الا يشارك أكثر من 40 % من الناخبين المسجلين ي أقل من العدد الذي شارك في الانتخابات الاتحادية وهو ما يعني ضعف الإقبال على التصويت وبالتالي فائدة للديمقراطي والاتحاد الوطني نظراً لأن ناخبيهما أكثر التزاماً وتقديراً لدورهما في ترسيخ الحكم الذاتي بعد حرب الخليج عام 1991

وأظهرت نتائج غير رسمية للتصويت الخاص تقدم الحزب الديمقراطي الكردستاني في التصويت الخاص الذي انتهى الجمعة في إقليم كردستان.

ومن مجموع 170 ألفاً أدلى نحو 156 ألفاً من أفراد الأجهزة الأمنية والعسكرية بأصواتهم في الاقتراع الخاص الذي سبق التصويت العام بيومين وبلغت نسبة المشاركة أكثر من 90 % مما يشير إلى أن المنافسة في هذه الانتخابات ستكون محتدمة.

ووفق النتائج غير الرسمية للتصويت الخاص فقد حصل الحزب الديمقراطي الكردستاني برئاسة الزعيم الكردي مسعود بارزاني على أكثر من 79 ألف صوت، وجاء حزب الاتحاد الوطني الكردستاني في المرتبة الثانية بحصوله على أكثر من 56 ألف صوت وتبعته حركة التغيير المعارضة بأكثر من عشرة آلاف صوت، وتوزعت الأصوات الأخرى على الأحزاب والقوائم الأصغر.

وشمل التصويت الخاص قوات البشمركة والقوات الأمنية بكافة صنوفها ضمن 99 مركزاً انتخابياً بواقع 41 مركزاً في أربيل و37 في السليمانية و20 مركزاً في دهوك ومركز واحد في محافظة حلبجة.

وشهدت مدن الإقليم احتفالات عدة حيث ألقى الزعيم الكردي مسعود بارزاني خطاباً في ملعب مدينة دهوك دعا خلاله إلى فتح صفحة جديدة مع بغداد والعمل على توحيد الصف الكردي، أما في السليمانية فقد حاول الاتحاد إعطاء صورة موحّدة عنه وعبر جمع قادة أجنحته متمثّلين في كوسرت رسول وحاكم قادرو لاهور جنكي طالبانيو وقوباد طالباني وبموازاة احتفالات الحزبين الحاكمين أقامت حركة التغيير مهرجاناً في السليمانية أيضاً وركّزت الخطابات فيه على الاستمرار في الإصلاح ومواجهة الفساد وإنهاء المحسوبية والتذكير بسجل الحركة كأوّل تنظيم سياسي مدني معارض ولد في كردستان في يوليو 2009 واكتسح ربع مقاعد البرلمان آنذاك.

أما حراك الجيل الجديد فقد أقام حفلاً تعهّد فيه رئيسه شاسوار عبدالواحد بـالعمل من أجل إنهاء حكم العوائل وبدء صفحة جديدة من المسار السياسي في إقليم كردستان متوعّداً بإحالة العوائل الحاكمة في الإقليم وفي مقدمتها عائلتا طالباني وبارزاني إلى العدالة حال فوز حراكه بالسلطة.

وفي السياق ذاته كشفت حركة التغيير الكردية عن تعرض منتسبي قوات البشمركة إلى ضغوطات ومراقبة صارمة من قبل اجهزة الحزبين الاتحاد والديمقراطي أثناء الإدلاء بأصواتهم في التصويت الخاص.

وقال القيادي بالحركة وعضو برلمان كردستان بيستون فائق في تصريح صحافي إن الحزبين الرئيسين مارسا ضغوطاً كبيرة على المصوتين في الاقتراع الخاص للبشمركة وباقي القوات الأمنية لأجل التصويت لصالحهما.

وأضاف فائق أن الحزبين شكلا فرقاً رقابية للتأكد من تصويت منتسبي البيشمركة لصالحهما، مبيناً أن الاتحاد الوطني حصر التصويت الخاص لصالحه في محافظة السليمانية ومناطق أخرى، فيما كانت أربيل ودهوك لصالح الحزب الديمقراطي الكردستاني باتفاق مسبق بين الحزبين. وتشهد العلاقات بين بغداد وأربيل توتراً ملحوظاً بين الحين والآخر خاصة بعد إجراء الاستفتاء في إقليم كردستان وفرض عقوبات اقتصادية من حكومة المركز على الإقليم بسبب الاستفتاء الذي اعتبرته الحكومة الاتحادية مخالفاً للدستور العراقي.

من ناحية أخرى، أغلقت الولايات المتحدة الجمعة قنصليتها في البصرة التي شهدت احتجاجات دامية جنوب العراق منددة بـ"نيران غير مباشرة" نسبتها إلى قوات مدعومة من إيران ومحملة طهران المسؤولية عن أي أذى يلحق بالأمريكيين.

وطلب وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو من جميع الموظفين غير الضروريين مغادرة البصرة ونقل الخدمات القنصلية إلى السفارة في بغداد.

وشهدت البصرة في الأسابيع الماضية تظاهرات احتجاجية ضد الوضع المعيشي والخدمات الحكومية في الجنوب الغني بالنفط.

وقال بومبيو الذي جعل التصدي للنفوذ الإيراني في المنطقة من أهم أولوياته، إن الحكومة الإيرانية وفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإسلامي يهددان الموظفين الأمريكيين والمنشآت الأمريكية، ووجه أصابع الاتهام إلى قوات موالية لايران في "إطلاق النار غير المباشر"، وهو ما يعني عادة صواريخ أو مدفعية، على القنصلية الأمريكية.

وقال بومبيو في بيان أثناء وجوده في نيويورك لحضور أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة "أبلغت حكومة إيران بأن الولايات المتحدة ستحمل إيران مسؤولية مباشرة عن أي أذى يلحق بالأمريكيين أو بمنشآتنا الدبلوماسية في العراق أو في أي مكان آخر، سواء كان ذلك مرتكبا من جانب قوات إيرانية بشكل مباشر أو من جانب ميليشيات مرتبطة بها".

وأضاف "أوضحت أن على إيران أن تفهم بأن الولايات المتحدة سترد فوراً وبشكل مناسب على أي هجوم" يستهدف منشآت أمريكية.

من جانب آخر أصدرت وزارة الخارجية تحذيرا جديدا إلى الأمريكيين بعدم السفر إلى العراق.

وحذرت الوزارة "المواطنين الأمريكيين من وجود مخاطر كبيرة باندلاع أعمال عنف وعمليات خطف".

وأضاف التنبيه بأن "العديد من المجموعات الإرهابية والمتمردة تنشط في العراق وتهاجم بشكل متكرر قوات الأمن العراقية ومدنيين على السواء".

وفي رد فعل على القرار، أعربت وزارة الخارجية العراقية السبت عن أسفها للقرار الأمريكي، مؤكدة أن "العراق ملتزم بحماية البعثات الدبلوماسية الأجنبية المقيمة على أراضيه".

وأشارت الوزارة العراقية إلى أنها "تهيب بالبعثات الدبلوماسية أن لا تلتفت لما يتم ترويجه لتعكير جو الأمن والاستقرار والإساءة إلى علاقات العراق مع دول العالم".

ولاتزال الولايات المتحدة حليفاً قوياً للعراق، خصوصاً بعد دعمها له في دحر تنظيم الدولة "داعش"، من البلاد. لكن هذه العلاقة وإن بقيت مستقرة نوعاً ما، شهدت تقلبات في السياسة منذ عام 2003 حين غزت القوات الأمريكية البلاد لإسقاط نظام صدام حسين.

كما أن للولايات المتحدة مئات الجنود والمستشارين المنتشرين في مناطق عدة من البلاد.

وعلى المقلب الآخر، فإن العراق حليف لإيران، ويجد نفسه في خضم العلاقة المتوترة بين واشنطن وطهران.

ولإيران نفوذ كبير في العراق، وخصوصا في الجنوب ذي الغالبية الشيعة، رغم إحراق قنصليتها في وقت سابق خلال الاحتجاجات، من دون أن يسفر ذلك عن إصابات. وفتحت إيران بسرعة مقراً جديداً لبعثتها.

والجمعة وصفت وزارة الخارجية الإيرانية الاتهامات الأمريكية لإيران بتأجيج العنف في البصرة بأنها "مثيرة للدهشة والاستفزاز وغير مسؤولة".

وفي كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة ندد الرئيس الإيراني حسن روحاني بالاتهامات الأمريكية لإيران بالتدخل في شؤون جارتها متسائلاً عن سبب تدخل واشنطن في دولة على مسافة بعيدة عنها.

وفي وقت سابق هذا الشهر سقطت ثلاث قذائف هاون على المنطقة الخضراء المحصنة في بغداد والتي تضم السفارة الأمريكية، دون أن يؤدي ذلك إلى إصابات. ولم تعرف الجهة المسؤولة عن ذلك.

ويعدّ الأمن الدبلوماسي أولوية للولايات المتحدة وبومبيو الذي وجه عندما كان عضواً في الكونغرس انتقادات لاذعة لوزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون على خلفية هجوم دام على القنصلية الأمريكية في بنغازي شرق ليبيا.

وانسحبت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من الاتفاق النووي مع إيران وأعادت فرض عقوبات وهي تتهم إيران بزعزعة الاستقرار في الشرق الأوسط من خلال تدخلها في دول مثل سوريا واليمن والعراق.

ورغم التحذيرات من تزايد العداء الإيراني قال البنتاغون إن الحوادث البحرية في منطقة الخليج توقفت نهائياً في الأشهر الماضية.