صنعاء - سرمد عبدالسلام

غادر الجنرال الهولندي المتقاعد باتريك كاميرت، رئيس فريق المراقبين الدوليين للإشراف على وقف إطلاق النار وإعادة الانتشار في مدينة الحديدة غرب اليمن، البلاد، كما جاءها، دون إحراز أي تقدم يذكر في مهمته التي تسلمها في 23 ديسمبر الماضي.

شهر واحد فقط كان كافياً بالنسبة للجنرال الهولندي المتقاعد الذي سبق أن أشرف بنجاح على بعثات حفظ السلام في عدد من البلدان الأفريقية والأوروبية، ليكتشف من خلال خبرته الطويلة إستحالة مواصلة المهمة والمضي قدماً في تنفيذ الإتفاقات المبرمة مع ميليشيات الحوثي الانقلابية المدعومة من إيران، والتي لا ترعى العهود ولا تعرف سوى لغة السلاح.



وبحسب مصادر مطلعة، فقد غادر كاميرت، مساء الأربعاء مطار صنعاء الدولي رفقة المبعوث الأممي مارتن غريفيث على متن طائرة تابعة للأمم المتحدة باتجاه العاصمة السعودية الرياض، بعد ساعات فقط من الإعلان رسمياً عن قبول الأمم المتحدة طلبه إعفائه من المهمة وتداول اسم الجنرال الدنماركي مايكل لوليساغرد كبديل له في المهمة.

ومنذ تسلمه المهمة بموجب قرار مجلس الأمن رقم 2451، سعى الجنرال باتريك كاميرت لتقريب وجهات النظر بين ممثلي الحكومة الشرعية والانقلابيين الحوثيين، فيما يخص آلية تنفيذ اتفاق السويد بشأن مدينة الحديدة وموانئها الثلاثة، غير أن مساعيه تلك اصطدمت بمراوغات حوثية ما لبثت أن تحولت إلى عداء معلن تجاوز التصريحات الكلامية وتعطيل جهوده إلى منعه من الانتقال بحرية وصولاً إلى محاولة اغتياله واستهداف موكبه من قبل المليشيات المدعومة إيرانياً.

ووفقاً لتأكيدات مراقبين سياسيين في اليمن، فإن "قبول استقالة كاميرت وتحديد البديل، يمثل امتداداً للنهج المتراخي الذي تتعامل بها الأمم المتحدة مع ميليشيات الحوثي وعدم قدرتها على اتخاذ مواقف صارمة للضغط على أذرع إيران في اليمن القبول بحلول سياسية لوقف الحرب التي أشعلوها منذ أربع سنوات".

من جانبه، اعتبر الإعلامي اليمني محمد الصانع أن "بقاء أو رحيل كاميرت لن يغير في الأمر شيء، عدا أنه سيعطي الحوثيين مزيداً من الوقت لالتقاط الأنفاس والتجهيز لمعاركهم القادمة، نظراً لكونها جماعة لا تؤمن مطلقاً بالسلام ولا تفهم إلا لغة السلاح".

وأضاف الصانع في تصريح لـ "الوطن" أن "تنفيذ اتفاق الحديدة كان بمثابة اختبار حقيقي لقياس رغبة الحوثيين وصدق نواياهم في إيقاف الحرب وتحقيق السلام، خاصة أن المجتمع الدولي سعى جاهداً لاستثمار أدواته في ممارسة ضغوط كبيرة على الحكومة الشرعية والتحالف العربي من أجل إنجاز إتفاق ولو بالحد الأدنى خلال مشاورات السويد وتحديداً في ملف الحديدة، وهو ما فشل فيه الحوثيين بعرقلتهم لكل الجهود الرامية لإحراز تقدم في هذا الملف تحديداً".

وأستبعد الإعلامي اليمني "إمكانية نجاح رئيس الفريق الأممي المعين حديثاً في إحداث أي اختراق إيجابي للمضي في تنفيذ ما تم الاتفاق عليه في ستوكهولم بشأن الحديدة، دون ممارسة ضغوط حقيقية والتعامل بصرامة مع الميليشيات التي تعد مجرد أداة لتنفيذ رغبات وإملاءات الإيرانيين".

ورغم إظهار ميليشيا الحوثي تعنتها السافر ورفض الالتزام بتعهداتها في تنفيذ اتفاق السويد، إلا أن الأمم المتحدة تتعامل مع الأمر بسلبية وعدم وضوح، مكتفية بوصفها أنها "فرصة مهدرة لتحقيق السلام، وهو ما يثير الكثير من علامات الاستفهام والارتياب لدى الشارع اليمني حول حقيقة الدور الذي يلعبه مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى اليمن وانحيازه الواضح للميليشيات الإيرانية".

وسبق للجنرال المستقيل من مهمة رئاسة الفريق الأممي للإشراف على تنفيذ اتفاق الحديدة أن حمل الحوثيين مسؤولية إفشال فتح ممر إنساني آمن في الحديدة لنقل المساعدات، كما أبدى امتعاضه من المسرحية الهزلية التي قاموا بها حينما أعلنوا تسليم الميناء إلى قوات تابعة لهم معتبراً تلك الخطوة أحادية وليست ذات مصداقية وهو ما فجر الخلافات بينه وبين المليشيات وفق تقديرات المتابعين.