انتدى مجلس الدوي هذه المرة حول (قانون التنفيذ في المواد المدنية والتجارية) بمقره بحالة بوماهر بالمحرق إذ قدمت المحامية زهراء الوطني الحاصلة على درجة الماجستير في القانون من جامعة البحرين، رؤية نقدية للقانون من كل زواياه، لما له من تأثير اجتماعي واقتصادي وعدلي، حيث قدمها الأستاذ عبدالله عيسى وسط حضور كبير من المحامين والمهتمين ومرشحين محتملين، ورواد مجالس مدينة المحرق، وقد حظيت الندوة بالنقاش والمداخلات المتخصصة والاستفسارات حول القانون وتأثيراته على المجتمع.

وفي بداية الأمسية قدمت المحامية زهراء الوطني التهنئة لمعالي الشيخ خالد بن علي بن عبد الله ال خليفة " وزير العدل السابق " على تقلده منصبه الجديد كنائب رئيس المجلس الأعلى للقضاء، ورئيساً لمحكمة التمييز، كما تقدمت بالتهنئة للسيد نواف بن محمد المعاودة، لتقلده منصبه الجديد كوزير للعدل والشؤون الإسلامية والأوقاف، وللثقة الملكية السامية التي حظيا بها، مستبشرةً بالخير بعد التعديل الوزاري الجديد تحت مظلةِ جلالة الملك، ونجله رئيس مجلس الوزراء حفظهما الله ورعاهما.

تحدثت المحامية زهراء الوطني حول مضمون المرسوم بقانون رقم ٢٢ لسنة ٢٠٢١ بإصدار قانون التنفيذ في المواد المدنية والتجارية ومستجداته، ومقارنته بالباب الثامن الملغي والخاص بإجراءات التنفيذ في المرسوم بقانون رقم ١٢ لسنة ١٩٧١ بإصدار قانون المرافعات المدنية والتجارية، وقدمت المحامية شرحاً مفصلاً ومبسطاً بشأن أبرز مافي القانون الجديد وما احتوى عليه.



كما استهلت حديثها بتعريف السندات التنفيذية، وبيّنت أن القانون جاء لخدمة الناس، وفيه دواعي انسانية كثيرة، منوهة بأن القانون جاء بجانبٍ إيجابي، وإن كانت هناك بعض الملاحظات التي تحتاج لمعالجة تشريعية، وقالت "نتمنى مستقبلا أن يتم مراجعتها وتحديثها بما يوازي الدواعي الإنسانية وعدم ترجيح كفة المنفذ ضده على المنفذ إليه".

وفي ذات السياق بيّنت الوطني وبشكل واضح أن القانون الجديد قد تناول (التأشير على السجل الائتماني للمنفذ ضده) حمايةً للدائنين المحتملين مستقبلاً، حيث يتم التأشير على السجل الائتماني لمدة ٧ سنوات وهو تقرير بنفت الخاص بالمنفذ ضده والذي يبين كافة التزاماته والقروض التي عليه، ولا يُرفع هذا التأشير إلا عند التسوية أو بانقضاء المدة، كما وضع القانون نظاماً للإفصاح المالي، فقالت إن هنالك نماذج خاصة من وزارة العدل للإفصاح للأشخاص الطبيعيين أو الشخصيات الاعتبارية، حيث يتحتم على المنفذ ضده بعد إعلانه بإجراءات التنفيذ لمدة 7 أيام أن يفصح في حدود ما لديه من مال يغطي مبلغ السند التنفيذي، وإذا لم يكن لديه المبلغ في هذه الحالة لا بد من الافصاح عن كل أمواله كالعقارات أو السندات، أو الأسهم وغيرها، وعن أي ممتلكات ترده مستقبلاً، وأن يلتزم بالافصاح منذ بداية فتح الملف التنفيذي وحتى نهايته، وإن التخلف عن ذلك يوجب المسؤولية الجنائية، كما بينت بأن الافصاح قد يمتد لأهل المنفذ ضده أو وكلائه أو مدينيه بأمر قاضي التنفيذ.

وحول الميزات في قانون التنفيذ الجديد قالت الوطني " أن القانون الجديد تضمن مواداً تمنع الحجز على مبالغ الدعم الحكومي والاعانات الاجتماعية كمخصص الإعاقة وعلاوة الغلاء ودعم اللحوم وبدل السكن وغيرها بما يضمن للأسرة الاستفادة الفعلية منها وعدم حرمانها من توفير مستلزماتها المعيشية الأساسية"، وأوضحت "أن القانون الجديد راعى الجوانب الانسانية فيما يتعلق بالأسرة" مشيرة إلى "أن قانون المرافعات السابق كان يجيز الحجز على الدعم الحكومي والمعونات الاجتماعية"، كما أن القانون الجديد يقصر الحجز في الحسابات البنكية بحدود الدين على عكس المعمول به سابقاً من حجز الحسابات البنكية كاملةً وإن كان مبلغ المطالبة قليل بالمقارنة بالموجود في البنك مايكبل المنفذ ضده.

وانتقلت المحامية زهراء الوطني إلى الحديث حول استحداث المنفذ الخاص، وعبرت عن تمنياتها بأن يلقى نجاحاً بالجانب التطبيقي رغم تحديات الأتعاب الباهضة التي يتعينها اللجوء إليه أو مايقدره القانون بـ ٥٪؜ من قيمة السند التنفيذي على الا تقل عن ١٠٠ دينار، في حال عدم الاتفاق على اتعاب بالإضافة لبعض المصاريف القضائية عند قيامه ببعض الإجراءات التنفيذية.

أما فيما يتعلق بوقف ملف التنفيذ لوجود استئناف، فقد اختلفت الآلية عن السابق حيث كان يفتح ملف التنفيذ بعد مايقارب ١٠ ايام من صدور الحكم للحصول على الصيغة التنفيذية وثم يُفتح ملف التنفيذ بغضون ما يقارب الـ ٧ ايام، في حين انتقدت المحامية الآلية المتبعة حالياً واعتبرتها فترة زمنية طويلة لأنه حين صدور الحكم لا تُستلم الصيغة التنفيذية الا بعد مرور مدة الاستئناف كـ ٤٥ يوماً في المسائل المدنية، ثم ٧ أيامٍ أخرى لإعلان المنفذ ضده، ما يتسبب في تعطيل تحصيل الحقوق، ولا يمنع من وقف ملف التنفيذ للاستئناف في حال عدم صحة الإعلان، داعية إلى تسهيل استحصال الحقوق والتسريع منها عوضاً عن تعقيدها.

ثم تطرقت المحامية الوطني في الندوة إلى أنه لا داعي للقلق في ضوء القانون الجديد من حفظ ملف التنفيذ لخموله وعدم تحريك إجراءاته، فالملف لا يُغلق إلا عند التسوية أو سداد كامل المبلغ، كما بينت بأن الحد الادنى للمبالغ التي لا يجوز الحجز عليها هو مبلغ ٤٠٠ دينار وفقاً لما نص عليه القرار رقم ٣٦ لسنة ٢٠٢٢، إلا إذا كان الحجز للنفقة أو الغرامة التهديدية.

وبينت بأن للمنفذ له الإرشاد عن أموال المنفذ ضده حتى إن كانت لدى الغير، وهو الأمر الذي قد يصطدم بصعوبة الإثبات في الواقع العملي، وكما أن للمنفذ ضده اقتراح أحد أمواله للحجز عليها نظير رفع الحجز عن باقي الأموال، وكما أن منع السفر قد قُنن لـ٣ شهور تُجدد لمُدد مماثلة ٣ مرات، بما لا يزيد عن ٩ شهور، ما يُشكل إحباطاً للمنفذ له خشية هروب المنفذ ضده والتنصل عن السداد، وما يتسببه تجديد منع السفر من رسوم إضافية على المنفذ له تعادل ٣٠ ديناراً في كل مرة، كما أن من أهم ماتضمنه القانون الجديد هو ميزة الترقب وهو يشكل رابطة من الجهات الحكومية التي يتم التعميم على المنفذ ضده فيها كإدارة التوثيق وجهاز المساحة والتسجيل العقاري، ومصرف البحرين المركزي، والإدارة العامة للمرور، وشركة بورصة البحرين وغيرها .. تستهدف الإخطار فوراً بأي معاملات مالية بالبيع او الشراء أو الهبة او الاستبدال أو باي شكل يزيد او ينقص من ملاءة المنفذ ضده المالية، وإمكان حجزها مباشرة، وقد أكدت المحامية بأن القانون الجديد قد ألغى التقسيط، وضم الملفات، وأنه لدواعٍ إنسانية وتماشياً مع المواثيق الدولية التي تنص على عدم جواز الحجز على الحرية، تم إلغاء القبض في حين أنه كان وسيلةً ضاغطة في القانون السابق.

ونبهت المحامية زهراء الوطني من المسؤولية الجنائية جراء الإخفاء أو التهريب أو الامتناع عن الإفصاح أو تقديم المعلومات الخاطئة حيث يعاقب القانون بالحبس مدة لا تزيد عن سنتين والغرامة التي لا تقل عن خمسمائة دينار ولا تجاوز ١٠٠ ألف دينار، أو إحدى العقوبتين للأشخاص الطبيعية، وبالغرامة التي لا تقل عن الفين ولا تزيد عن ١٠٠ الف دينار للشخص الاعتباري.

وفي ختام الندوة تقدم صاحب المجلس الأستاذ ابراهيم الدوي بالشكر والتقدير للاستاذة المحامية زهراء الوطني لكل ما أثرته من معلوماتٍ قانونيةٍ قيمة، ولكل القانونيين الذين شاركوا بالمداخلات المتخصصة، والمتداخلين الذين تبادلوا أطراف الحوار والنقاش الثري بين رواد المجلس والمحامية المتحدثة في الندوة.