محمد الرشيدات


إن الإنجازات والمشاريع البارزة التي حققها القطاع الصحي في المملكة تعكس ما توليه البحرين من اهتمام ودعم متواصل لهذا المجال الحيوي، فالتوجيهات الملكية من لدن حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظّم، والتي تنبري لتنفيذها الحكومة برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء أسهمت وبشكل كبير في النهوض بالمنظومة الصحية وجعلها قادرة على تجاوز أحلك الظروف المحلية والتحديات العالمية، خصوصاً تلك المتمثلة بالأزمة الصحية التي فرضتها جائحة كورونا، والتي قدمت من خلالها البحرين بكوادرها الصحية العاملة تجربة متميزة ونموذجاً يحتذى به على الصعيد العالمي، لتَلقى عديد الشهادات الإقليمية والدولية في كيفية تطبيق الإجراءات، والخطط الاستباقية، وحسن التعامل، وكفاءة مستوى الأداء مع جميع مراحل التصدي لهذه الجائحة بكل الطاقات وأقصى الإمكانيات.

الدور الحيوي والبارز في خدمة المجتمع البحريني تداعت له الجهات الصحية المعنية التي أوكلت لنفسها مهمة تقديم مختلف خدمات الصحة العامة، وطرح متنوع البرامج التوعوية والتثقيفية لمكافحة الأمراض المزمنة غير السارية والأمراض المعدية السارية، إلى جانب العمل على تقديم خدمات الصحة النفسية والرعاية الخاصة لكبار السن في المستشفيات غير الخاضعة للضمان الصحي، وذلك يأتي كإشارة تدل على حرص البحرين على تقديم أفضل الخدمات الصحية للمواطنين والمقيمين على حدٍّ سواء، إذ تسعى وزارة الصحة من خلال جميع المستشفيات والأقسام والدوائر وحتى المراكز التابعة لها إلى تطوير الخدمات الطبية، فضلاً عن دعمها للكوادر الطبية والتمريضية والصحية المؤهلة في مختلف القطاعات، إلى جانب توفيرها لأحدث الإمكانات والمعدات والأجهزة الطبية ومواكبة آخر التطورات العلمية في المجال الصحي.


وفي طَوْر ذلك، عمدت مملكة البحرين إلى إقامة تفاهم فعّال مع عديد الجهات والمنظمات الدولية كمنظمة الصحة العالمية، وذلك بهدف تبنّي الاستراتيجيات العالمية وأُطر تنفيذها وقياس أثرها، أو من خلال الاستفادة من الخبرات التقنية والفنية الرائدة في مختلف المجالات الصحية، بما يتناسب مع الأولويات الصحية الوطنية.

مملكة البحرين ما برحت تحافظ على موقعها الريادي البارز على الخارطة الصحية عبر تقديم أفضل الخدمات الصحية الوقائية والتشخيصية والعلاجية والتأهيلية، بما يتناغم مع تحقيق أهداف التنمية المستدامة التي تضع تحسين صحة الجميع على رأس الأولويات، عن طريق تحقيق الجودة في تقديم الخدمات الصحية وضمان تمويلها واستدامتها، وتوفير الموارد والبنية التحتية البشرية اللازمة، إذ يقوم القطاع الصحّي في المملكة بتقديم خدمات شاملة تسارع إلى إتمامها مراكز الرعاية الصحية الأولية، التي تُشكّل حجر الزاوية للنظام الصحي في المملكة، وكذلك الرعاية الثانوية والثالثية، الأمر الذي كَفِل للبحرين تسجيل أفضل المعدلات الصحية مقارنةً مع أكثر الدول العالمية تطوراً في المجال الصحي، وذلك لم يأتِ من فراغ، فالمملكة كانت ومازالت تدأب على تبنّي رُزمة من الاستراتيجيات الصحية المتكاملة تُسهّل على المواطنين والمقيمين وحتى الزوّار توفير العلاج الأنسب لحالاتهم المرضية المتنوعة وفق أحدث ما توصّل إليه الطبّ والعلوم والبحوث الطبية، كما تستهدف تلك الاستراتيجيات تعزيز مبدأ الوقاية الذاتية من خلال نشر العادات الصحية السليمة، ورفع مستوى الوعي الصحّي لدى مختلف أفراد المجتمع حول مخاطر الإصابة بالأمراض المزمنة، وسُبل تجنّب المضاعفات، وتعزيز أنماط الحياة الصحية، والقدرات الذاتية لدى الفرد للعناية بصحته وتغيير سلوكياته غير الصحيحة، إضافة إلى السعي نحو السيطرة على الأمراض بشتى أنواعها، والعمل على تحقيق الجودة في الأداء الطبي عبر وضع القوانين واللوائح التي تضمن جودة الخدمات الصحية.

وفي سبيل توظيف أحدث التقنيات والحلول العلمية المبتكرة في الخدمات الصحية بالمملكة، أطلقت المستشفيات الحكومية العنان لإقامة عدد من الشراكات الجديدة مع مختلف المراكز المتطوّرة في مجال «الذكاء الاصطناعي»، لتتمكّن المستشفيات الحكومية من عمل البحوث العلمية وتوظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي في العمليات الإدارية والصحية المختلفة، والتي تُتيح جملة من الحلول الذكية في مقدّمتها، أنظمة الاستشعار والتحكّم الخاصّة بظروف التخزين للأدوية والمكونات العلاجية، بالإضافة إلى استخدام تقنيات التنبؤ بكميات الأدوية اللازمة، واستخدام روبوتات المحادثة في التعامل مع الجمهور وغيرها، على أن يتمّ في المستقبل القريب رفع مستوى تلك الشراكات لتشمل العلاجات الاستباقية للأمراض المزمنة، والأمراض الوراثية والأورام من خلال تقنية التنبؤ، التي تُساهم في الكشف المبكّر عن الأمراض.