أيمن شكل

أتاحت وزارة العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف خدمة توثيق المعاملات عبر برنامج ترخيص مزاولة أعمال الموثق الخاص للمحامين ومكاتب الاستشارات القانونية، ويضم جدول الموثقين الخاصين حتى اليوم 64 موثقاً خاصاً من المحامين العاملين، لكن منذ فترة وجيزة أصدرت الوزارة تعميماً أثار تساؤلات حول هذه الخدمة الجديدة التي يرى فيها محامون مميزات بينما ترى فئة أخرى في تلك الخدمة خطورة تتمثل في تحمل المسؤولية.

تعديل القانون



وصدر المرسوم بقانون رقم (37) لسنة 2017 بتعديل بعض أحكام المرسوم بقانون رقم (14) لسنة 1971 بشأن التوثيق

وجاء فيه:

المادة الأولى

تضاف إلى المرسوم بقانون رقم (14) لسنة 1971 بشأن التوثيق، مادة جديدة برقم (1) مكرراً، نصها الآتي: «يجوز للوزير المعني بشؤون العدل منح ترخيص للقيام بكل أو بعض أعمال توثيق كاتب العدل بناء على طلب ممن تتوافر فيه شروط كاتب العدل الخاص الآتية:

1- أن يكون كامل الأهلية.

2- أن يكون محمود السيرة حسن السمعة.

3- ألا يكون قد سبق الحكم عليه في جناية أو جريمة مخلة بالشرف أو الأمانة ولو كان قد رد إليه اعتباره أو صدر عفو عنه.

4- أن يكون من بين القضاة وأعضاء النيابة العامة وأعضاء هيئة التشريع والإفتاء القانوني المتقاعدين، أو من المحامين والقانونيين الذين يرخص لهم وفقاً للضوابط والشروط التي يصدر بتحديدها قرار من الوزير المعني بشؤون العدل.

ويصدر الوزير المعني بشؤون العدل قراراً يتضمن بيان أعمال التوثيق التي يجوز الترخيص لكاتب العدل الخاص في القيام بها، والشروط والإجراءات اللازمة لإصدار الترخيص ومدته وتجديده وحالات إلغائه، والشروط الأخرى الواجب توافرها في طالب الترخيص، وآلية عمل المرخص له والواجبات التي يلتزم بالقيام بها، والدفاتر والسجلات الواجب عليه إمساكها، والجزاءات التي توقع في حقه عند المخالفة، ورسوم الترخيص التي يلتزم المرخص له بأدائها للوزارة ورسوم أعمال التوثيق التي يقوم بها بعد موافقة مجلس الوزراء.

ويلتزم الموثق الخاص بتحصيل رسوم أعمال التوثيق وتوريدها لحساب الوزارة المعنية بشؤون العدل وفق الشروط والمدد التي يحددها الوزير.

ولكاتب العدل الخاص تقاضي مقابل مالي من متلقي الخدمة نظير أعمال التوثيق. ويتولى مكتب التوثيق الإشراف والرقابة على تطبيق كاتب العدل الخاص المرخص له وفقاً لأحكام هذا القانون ولائحته التنفيذية والقرارات الصادرة تنفيذاً له، وله في سبيل ذلك التفتيش الإداري والفني على أعماله، وحق دخول مكتب كاتب العدل الخاص في أي وقت والاطلاع على المعاملات التي قام بتحريرها أو توثيقها وكافة الدفاتر والسجلات والإيصالات والمستندات وأخذ صورة منها إذا لزم الأمر.

ويكون للوزير المعني بشؤون العدل متى ثبتت مخالفة كاتب العدل الخاص لأحكام القانون ولائحته التنفيذية والقرارات الصادرة تنفيذاً له بقرار مسبب غلق مقر كاتب العدل الخاص إدارياً أو اتخاذ أي من الجزاءات التأديبية الأخرى التي يصدر بتحديدها قرار من الوزير.

ويكون كاتب العدل الخاص المرخص له والعاملون لديه في حكم الموظفين العموميين في تطبيق أحكام قانون العقوبات، وتكون كافة المعاملات التي يقوم كاتب العدل الخاص بتحريرها أو توثيقها وكافة الدفاتر والسجلات والإيصالات والمستندات ملكاً للوزارة المعنية بشؤون العدل. ويكون للمحرر الذي ينظمه كاتب العدل الخاص في الإثبات ذات الحجية المقررة للمحررات الرسمية.

استثناء توكيلات نقل الحقوق

واستثني القرار توثيق العقود التي من شأنها إنشاء أي حق من الحقوق العينية العقارية أو نقله أو تغييره أو زواله والتوكيلات المتعلقة بها، وكذلك التوكيلات المتعلقة بالتصرف والإدارة، على أن يقوم مكتب التوثيق بوزارة العدل بمسؤولية الرقابة الفنية والمالية والإدارية على عمل كاتب العدل.

وأصدر وزير العدل قرار رقم (77) لسنة 2017 بشأن الالتزامات المتعلقة بإجراءات حظْر ومكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب في أعمال كاتب العدل والموثق المساعد وكاتب العدل الخاص وضوابط التدقيق والرقابة، والذي بموجبه تم إنشاء (وحدة المتابعة) بإدارة التوثيق تختص بتلقي البلاغات من كتاب العدل الخاص عن أعمال التوثيق المشبوهة وغير العادية.

تعميم بشأن شركات وأشخاص

ثم جاء تعميم وزارة العدل بحظر إجراء معاملات توثيق إقرارات المديونية لـ21 جهة تضم 5 أفراد و16 شركة ومؤسسة تجارية غالبيتها تعمل في مجال بيع الإلكترونيات، على أن يتم إخطار طالب المعاملة بمراجعة إدارة التوثيق بوزارة العدل. وأشارت الوزارة إلى أن التعميم يأتي ضمن القرارات والتوجيهات الصادرة من مجموعة العمل المالي (فاتف) المتعلقة بالالتزامات المتعلقة بإجراءات حظر ومكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب في قطاع التوثيق وضوابط التدقيق والرقابة عليها، وأوجبت الوزارة على كاتب العدل الخاص الالتزام بإبلاغ الجهة المختصة بإدارة التوثيق، حال ملاحظته تكرر أسماء أفراد أو محلات أو مؤسسات أو شركات تجارية من غير المبينة بالكشف المرفق بهذا التعميم بشأن معاملات تتضمن بنود إقرارات المديونية.

وأشارت وسائل إعلام إلى ورود شكاوى متكررة من مواطنين ومقيمين حول الشركات التي ورد اسمها في القائمة، لكن الأكثر من ذلك هو صدور أحكام قضائية ضد أصحاب بعض هذه المؤسسات أدين فيها أصحابها بالاحتيال على مواطنين.

التوثيق الخاص من وجهة نظر محامين

المحامي هيثم بوغمار كان من الدفعة الأولى التي حصلت على وكالة موثق خاص، حيث أوضح أن المحاماة منظومة قانونية متكاملة، وقال إن وجود محامي يوثق المستندات الرسمية هو امتداد لتاريخ طويل بالعمل القانوني في أغلب وأعرق الديمقراطيات الغربية مثل بريطانيا وفرنسا وأغلب الدول الأوروبية، وقد خطت البحرين خطوة في هذا الاتجاه بتوجيه مباشر من سمو ولي العهد، واثبتت التجربة نجاحها من حيث توفير الجهد والوقت للعملاء، فأصبح العميل يحصل على الخدمة في مكتبه ومنزله وخاصة كبار السن وأصحاب الأمراض، موضحاً أن دول خليجية بدأت تسير على هذا النهج مثل الإمارات والسعودية.

ووصف بوغمار رسوم الخدمة بالمناسبة نظير الجهد والوقت الذي يفرده المحامي لهذه الأعمال، وقال إن الخدمة كلما تم تقديمها بشكل مريح ومميز، فيمكن للعميل تحمل التكلفة، لافتاً إلى أن مكاتب المحامين تتحمل تكاليف ثابتة من موظفين وإيجارات، وأكد أن مسيرة تطوير العمل القانوني تقتضي الاتجاه لخصخصة التوثيق مع استمرار الرقابة الوزارية، لخلق بيئة مساعدة للاستثمار ولتسهيل الإجراءات على المستثمر الوطني والأجنبي.

المحامي نبيل القصاب كان له رأي مغاير حيث رأى أن هذه المهنة تتطلب تفريغ جزء كبير من وقت المحامي، وقال إن سماح وزارة العدل لنظام الموثق الخاص والاستعانة به بعد زيادة التعاملات التي تتطلب توثيقها، هو أمر جيد لا شك فيه، خاصة بعد أن أصبح التوثيق يمثل عبئاً على الموثقين وتسبب في طول انتظار المراجعين حتى تنجز معاملاتهم.

وأضاف القصاب: اليوم نشهد سرعة في إنجاز المعاملات وعدم الالتزام بساعات عمل معينة او حتى أيام العمل الرسمية بالنسبة للموثق الخاص، إلا أن ذلك يتطلب تفرغاً تاماً لها كونها مسؤولية كبيرة تقع على عاتق الموثق، ولا يسمح فيها بارتكب أي خطأ مهما كان حجمه لأنه سيرتب التزامات وآثار بمجرد إتمام الطلب، ناهيك عن وجوب تفريغ قسم مختص في المكتب لعمليات التوثيق التي تتم والاحتفاظ بها للمدة الزمنية المنصوص عليه في القانون.

كما حذر القصاب من ضرورة وعي الموثق الخاص لخطورة بعض المعاملات المتعلقة بالتنازلات والإدارة وما شابه وما يجيز للوكيل التصرف كالمالك، لكنه في النهاية شجع على فكرة الموثق الخاص نظراً للمنفعة العائدة منها.

ويطمح المحامي عبدالله مراشدة لأن ينضم إلى صفوف الموثقين الخاصين، حيث أكد أن هذا العمل أصبح يمثل قيمة مضافة للمتعاملين خاصة في أوضاع تدابير فيروس كورونا (كوفيد19)، وتأخر المواعيد في إنهاء الوكالات، وقال إن بعض المتعاملين يفضلون التوثيق الخاص لسرعته والمرونة التي يتمتع بها، وحصر المراشدة العيب الوحيد في ارتفاع رسوم الموثق الخاص التي تتراوح ما بين 25 و30 ديناراً بينما التوثيق العادي بـ 6 دنانير، ودعا وزارة العدل لوضع تسعيرة ثابتة.

وأوضح المحامي محمد المهدي أنه لم يقدم لكي يكون موثقاً خاصاً لكنه يضع الموضوع ضمن الخطط المستقبلية، وقال: جاءني مُوكل يحتاج توكيل قبل موعد جلسته بساعات، فتوجهت به إلى مكتب زميل قام بعمل التوكيل في دقائق، مشيراً إلى أن بعض الشركات أيضاً تفضل الموثق الخاص لإنجاز معاملاتها الخاصة بالتأسيس وعقود الشراكة وغيرها.

وقال المحامي محمود ربيع إن استحداث التوثيق الخاص يمثل نقلة نوعية في القطاع العدلي في مملكة البحرين وتطبيقاً لرؤية البحرين 2030 فيما يتعلق بالارتقاء بالمرفق القضائي ودعم الاقتصاد الوطني وتنشيط البيئة الاستثمارية حيث يتميز هذا النظام بإعطاء مرونة اكثر للمتعاملين لانجاز معاملاتهم دون التقيد بمواعيد الدوام الرسمي حيث يُمكن انجاز المعاملة مساءً وفي ايام العطل الرسمية وبالتالي يُراعي ظروف عمل المتعاملين وخصوصاً رجال الأعمال الذين يفضلون خدمة الانتقال الى مكاتبهم حفظاً للوقت.

تسريع الإجراءات القضائية

ولفت ربيع الى أن شمول وتنوع توثيق العقود والإقرارات التي أُتيحت لكاتب العدل الخاص سوف يؤدي الى تعجيل الاجراءات القضائية وتحد من تدفق القضايا الى المحاكم نظراً لاعتبار العقود والإقرارات الصادرة محررات رسمية تمتلك قوة الاثبات وتكون بمثابة السند التنفيذي خصوصاً السندات التنفيذية وعقود الايجار الموثقة فإن الاختصاص ينعقد لمحاكم التنفيذ مباشرةً في تنفيذ ما تضمنته من حقوق والالتزامات.

لكنه استدرك موضحاً أن إسناد أعمال التوثيق الى المحامين يُلقي عليهم مسؤوليات اكبر في تطوير خبراتهم وأعمالهم لخدمة القطاع الاقتصادي والذي بدوره رحب بهذا التطور خصوصاً في مجال توثيق عقود تأسيس الشركات التجارية وتعديلاتها وتوثيق عقود العقارية.

وأهم ما يميز خدمة التوثيق الخاص أنها تقدم على مدار الساعة، بحيث يمكن تنفيذ أعمال التوثيق دون الحاجة إلى التقيد بمقر حكومي معين، هذا بالإضافة إلى قابلية التحقق من صحة التوثيق، ففي هذا النظام يمكن لصاحب الشأن التحقق من صحة المعاملة الورقية عبر قراءة الكود ثنائي الأبعاد (qr code) والاطلاع على المحتوى الإلكتروني.

ولعل أهم ما يحتاجه المواطن والمقيم في مثل هذه الأمور هو المزيد من الإجراءات الميسرة، وتجنب الازدحام، عبر توفير الخدمة من خلال الموثق الخاص وإمكانية تنفيذ التوثيق دون التقيد بمقر التوثيق الحكومي، ويمكن للمواطن والمقيم أن يتوجه لأي موثق في جميع أنحاء المملكة بمقر عمله، بل يمكن أيضاً أن ينتقل الموثق الخاص إلى مقر الزبون سواء شركته أو بيته لإتمام إجراءات التوثيق.

وقد أرادت الحكومة ممثلة في وزارة العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف رفع كفاءة خدمات التوثيق عبر إسناد هذه المهمة إلى القطاع الخاص، وتحت إشراف إدارة التوثيق وفق إجراءات وضوابط محكمة، وفي ذات الوقت تقوم إدارة التوثيق بالإشراف على كفاءة أداء الموثق الخاص عبر قياس مؤشرات الأداء التفصيلية والإجمالية.