أيمن شكل




- رئيس التمييز: الوساطة تخفض التكلفة وتحفظ سرية النزاعات القضائية

-النائب العام: الوساطة الجنائية تنمي روح المصالحة وتحفظ العلاقات الاجتماعية


أكد وزير العدل الشيخ خالد بن علي آل خليفة أن الوساطة الجنائية ستلعب دوراً كبيراً في أغلب النزاعات القضائية القادمة، وقال إن الصلح هو سيد الأحكام، فيما شدد النائب العام د. علي بن فضل البوعينين على أن الوساطة ستعمل على إنماء روح المصالحة وحفظ الوشائج والعلاقات الاجتماعية.

جاء ذلك في ورشة عمل نظمتها النيابة العامة برعاية النائب العام وبحضور رئيس محكمة التمييز - نائب رئيس المجلس الأعلى للقضاء المستشار عبدالله بن حسن البوعينين، ووزير العدل، بالتعاون مع معهد الدراسات القضائية والقانونية، بعنوان (دور الوساطة الجنائية)، شارك في فعالياتها لفيفٌ من القضاة وأعضاء النيابة العامة، وأعضاء مجلسي الشورى والنواب، والقضاء العسكري، ومنتسبي وزارة الداخلية، والمؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان، وجمعية المحامين، وجمعية الصحفيين، وأساتذة القانون.

وأكد النائب العام على أهمية العمل بنظام الوساطة الجنائية في حسم الدعاوى الجنائية في الجرائم التي يجوز فيها الصلح والتصالح وكذلك جرائم الشكوى والطلب، والتي تبناها المشرع في إطار رؤيته المستنيرة لتطوير إجراءات ادارة العدالة الجنائية والسياسة العقابية دونما إخلال بمقتضيات العدالة والمساس بحقوق المجني عليهم والمضرورين من الجريمة.

وأشار إلى أن الوساطة هي وسيلة لإنهاء الدعوى الجنائية بناء على الجبر الفوري بحصول المجني عليه على التعويض العادل والمناسب عما لحقه من ضرر، فيما تُجنِبُ الجاني العقوبة التي تفوق في أثرها الاجتماعي حجم الجريمة ونتيجتها، وقال إن هذا التطبيق من شأنه إنماء روح المصالحة والشعور بالمسئولية وحفظ الوشائج والعلاقات الاجتماعية خاصة في الدعاوى الجنائية المتعلقة بالممارسات في نطاق الأسرة. مؤكداً حرص القانون على حيادية السلطة القضائية في تطبيق نظام الوساطة فغاية ما عليها هو إتاحة الفرصة أمام الأطراف للجوء رضاءً إلى الوساطة والاعتداد بما تسفر عنه من اتفاق تسوية بعد التثبت من استيفائه الشروط والضوابط القانونية وعدم مخالفته النظام العام.

وأوضح النائب العام أن الغرض من تنظيم النيابة العامة هذه الورشة هو طرح فكرة واضحة ومُلمة عن الوساطة وحكمتها، وبيانٍ مُفصلٍ لإجراءاتها، وأثرها القانوني على الدعوى الجنائية، وإستشراف أثر ذلك على المجتمع ومدى التقائِهِ بمصالِحه، وصولاً من ذلك إلى فهم كامل وتطبيق سديد للوساطة الجنائية.

وفي كلمته ذكر رئيس محكمة التمييز ـ نائب رئيس المجلس الأعلى للقضاء أن الوساطة هي من أهم الوسائل والحلول البديلة لتسوية المنازعات لما لها من مزايا عديدة تتمثل في سرعة الفصل في القضايا وتقليل العبء على عاتق المحاكم وانخفاض تكاليف الفصل في النزاعات والمرونة والسرية في إجراءاتها، فضلاً عن التخفيف عن المؤسسات العقابية.

وأكد وزير العدل أن أغلب النزاعات القادمة ستلعب فيها الوساطة دورا كبيرا، وقال إن الصلح هو سيد الأحكام، وفي بيان الضمانات في تطبيق نظام الوساطة قال الوزير إن المبدأ الأول الذي يصاحب كل تطور هو توفير الضمانات التي تحفظ حقوق المتهم والمتقاضي، وكان هذا هو قاعدة نظام الوساطة في المسائل الجنائية التي قامت على ضمانة أساسية هي قبول ورضا المجني عليه، وأن الوساطة بهذه المثابة تدعم وتعزز إجراءات العدالة من خلال جبر الضرر المتحقق عن الوساطة ورضاء المجني عليه.

من جانبه أكد رئيس «معهد الدراسات القضائية والقانونية د.خالد سري صيام، أن الوساطة لا تستبدل العدالة الجنائية بمفهومها التقليدي، واستعرض مقتضيات إعادة النظر في منهجية إدارة إجراءات الملاحقة الجنائية، مشيرا إلى أن أزمة العدالة الجنائية على مستوى العالم تواجه تضخما عقابيا وتزايدا مضطردا في أعداد الخصومات الجنائية، ولفت إلى التحديات التي يمكن أن تواجه العدالة التصالحية وهي اختيار النطاق وتهيئة البيئة المجتمعية، والتأهيل والتدريب والتقييم لأطراف العدالة التصالحية، وإدارتها بالتحقق من توافر متطلبات الاتهام ومراعاة توازن القوى، والتأكد من توافر الرضاء الصادر عن وعي وإدراك وإرادة حرة، ورقابة ملاءمة الالتزامات، مشددا على أهمية تحقيق ضمانات السرية ومتابعة تنفيذ الالتزامات، وتنظيم آلية العودة للمسار الجنائي التقليدي.

وقالت رئيسة المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان ماريا خوري إن القانون الدولي لحقوق الإنسان قد أولى أهمية بارزة للوساطة الجنائية، باعتبارها إحدى البدائل الحديثة لإدارة وإنهاء الدعوى الجنائية، حيث صدر القرار رقم (12/2002) عن المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للأمم المتحدة ليحمل عنوان (المبادئ الأساسية لاستخدام برامج العدالة التصالحية في المسائل الجنائية)، لتكون تلك المبادئ هي الإطار الحقوقي الذي يلزم أن تسترشد عليه الدول في شأن العدالة التصالحية والتي تُعد الوساطة الجنائية إحدى صورها.

وأشارت خوري إلى أن الانتقال من فكرة العدالة الجنائية التقليدية إلى العدالة التصالحية المعاصرة، يصب نحو المزيد من تعزيز وحماية حقوق الإنسان لاسيما المتصلة بضمانات المحاكمة العادلة، وتنسجم تمامًا مع ضمانات المحاكمة العادلة، حيث يجوز للجاني والمجني عليه الاستعانة بمحامٍ، منوهة بأثر مجتمعي بالغ الأهمية، حيث إن إنهاء الدعوى الجنائية عن طريق الوساطة ودون صدور حكم فيها، سوف يؤدي لضمان خلو صحيفة أسبقيات الجاني من أية أحكام صادرة في مواجهته، هو أمرٌ سوف ينعكس على نحو رئيس لضمان تمتعه الكامل بحقوقه المدينة والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية دون أي قيود أو معوقات.