العين الإخبارية

تساءل تقرير لصحيفة تليغراف عما إذا كانت البيانات الرسمية حول الناتج المحلي يمكن أن تعبر بدقة عن وجهة الاقتصاد البريطاني.



قبل أيام، أفادت البيانات الصادرة عن هيئة الإحصاءات الوطنية في المملكة المتحدة بأن الاقتصاد البريطاني سجل نموا بنحو 0.2% على أساس فصلي في الربع الثاني من العام الجاري خلال الفترة من شهر أبريل/نيسان حتى شهر يونيو/حزيران الماضي. وقد تم تعديل بيانات الناتج المحلي الإجمالي عن الربع الأول بالرفع من 0.1% إلى 0.3%، وتعديل بيانات النمو عن إجمالي 2022 بنحو 0.2% إلى 4.3%.

وفي هذا السياق، تساءل تقرير لصحيفة تليغراف عما إذا كانت هذه البيانات يمكن أن تعبر بدقة عن وجهة الاقتصاد البريطاني. ووفقا للخبراء، فإن الإحصائيات ليست دقيقة.

وقال التقرير إن مراقبة بيانات الناتج المحلي قد تكون في الحقيقة جزءا من التجاذبات السياسية في لندن. فالرسوم البيانية المتشائمة روجت لفشل بريطانيا في تحقيق أهدافها، وأن المملكة المتحدة عانت وحدها من بين دول مجموعة السبع، من ضربة يبدو أنها دائمة، بينما، ومع توافر المزيد من البيانات، وجد الإحصائيون أن بريطانيا ليست في الواقع الأسوأ، وأن أداءها أفضل من منافسيها مثل فرنسا وألمانيا.

وكشفت المراجعات الصادرة عن مكتب الإحصاءات الوطنية البريطاني "أو ان أس" أن الاقتصاد البريطاني أكبر بنسبة 1.8% مما كان عليه قبل كوفيد وليس أصغر بنسبة 0.2%، كما كان يعتقد سابقًا.

وبالنسبة لبنك إنجلترا، قد تكون القدرة الإنتاجية الأقوى في بريطانيا علامة على أن التضخم يمكن أن يتراجع بشكل أكبر.

موثوقية البيانات

ولكن مثل هذه المراجعات الجذرية تثير أيضًا تساؤلات؛ مثل إلى أي مدى يمكن الوثوق في أي بيانات اقتصادية؟ وما إمكانية استخدامها كدليل. والمشكلة الأساسية هي أن محاولة قياس معدلات الاقتصاد تكاد تكون مهمة مستحيلة.

على سبيل المثال، يجب على مكتب الإحصاءات الوطني أن يجمع ملايين التفاعلات الاقتصادية التي تجري بين كل شخص وشركة وهيئة عامة ومع نظرائهم في الخارج، علما بأنه يجب أن يفعل ذلك بسرعة.

ويشير بول ألين، من الجمعية الإحصائية الملكية أنه يمكن الحصول على إحصائيات دقيقة، ويمكن أن تحصل على إحصاءات في الوقت المناسب، ويمكن أن تحصل على إحصائيات رخيصة، ولكن لا يمكن أبدًا الحصول على الثلاثة جميعًا في نفس الوقت.

والأرقام الشهرية لتطور الناتج المحلي الإجمالي والتضخم وسوق العمل لا يمكن أن تكون مثالية ولذلك يعد إجراء المراجعات أمراً لا مفر منه.

وقال كريج ماكلارين، رئيس الحسابات القومية في مكتب الإحصاءات الوطنية "أو ان أس"، إنه من الصعب للغاية إعطاء رقم دقيق للناتج المحلي الإجمالي بسرعة. وزادت المهمة صعوبة بسبب تأثير الوباء، الذي أدى إلى فوضى في الاقتصاد بأكمله.

ويصعب التأكد حتى في أفضل الأوقات من أن الدراسات الاستقصائية تمثل الاقتصاد ككل، خاصة مع ظهور صناعات وممارسات تجارية جديدة حيث أنه قد لا يجيبون بشكل موثوق.

ويمكن جمع بيانات أخرى بشكل مباشر حيث يقوم مكتب الإحصاءات الوطنية بجمع آلاف من أسعار السلع والخدمات من جميع أنحاء البلاد كل شهر للحصول على أرقام التضخم، مما يمنحه رؤية فورية لتكاليف المعيشة.

ومع ذلك، حتى هذا ليس إجراءً لا تشوبه شائبة، حيث يمكن ظهور انكماش تضخمي دون إدراكه، عندما تصبح الإنتاجية أقل ولكن السعر لا يتغير ، ولذلك من الصعب أن تعكس التغيرات في السلع والخدمات المستهدف.

وكذلك، تتغير عادات الإنفاق، لذلك يقوم مكتب الإحصاءات الوطنية كل عام بتحديث سلة التسوق من السلع المقاسة لمحاولة رصد السلع التي يشتريها الناس بالفعل.

وكان يتم حساب الناتج المحلي الإجمالي تقليديا إلى حد كبير من خلال الاستبيانات. وقد حصل مكتب الإحصاءات الوطنية في الآونة الأخيرة على أجزاء من البيانات الإدارية مثل إيصالات وفواتير الضرائب، على سبيل المثال، والتي تُظهر المزيد من التفاصيل عن أداء شركة ما مثلا، فضلا عن عدد العمال ومقدار دخلهم.

وقد جعل الوباء الأمور أكثر صعوبة خاصة عندما أغلقت المحلات التجارية والمطاعم، كان من المستحيل جمع أسعارها ولم يُسمح بالاستطلاعات وجهاً لوجه بموجب قواعد التباعد الخاصة بوباء كوفيد.

وانخفضت معدلات الاستجابة لمسح القوى العاملة، الذي تستند إليه أرقام البطالة الرئيسية، حيث أنه في الأشهر الثلاثة حتى يونيو/حزيران، بلغ إجمالي معدل الاستجابة 14.3%، بانخفاض عما يزيد قليلاً عن 39% في نفس الفترة من عام 2019.

معضلة بنك إنجلترا

ويعني عدم الثقة من البيانات أن بنك إنجلترا يجب أن يتعامل بحذر، وتعترف لجنة السياسة النقدية نفسها في بنك إنجلترا بأن البيانات ليست مثالية.

وقال السير تشارلي بين، نائب محافظ بنك إنجلترا السابق، إن الكثير من المناقشات في اجتماعات لجنة السياسة النقدية يتم توجيها في محاولة التوصل إلى الحالة الحقيقية للاقتصاد.

ويشير إلى أن جزءًا كبيرًا من عملية صنع السياسات العملية هو مناقشة ما يحدث، وما هي الإشارات التي يجب أن نعتبرها صحيحة، وما الذي يجب أن نتجاهله، ومعظم ما يحدث في اجتماع لجنة السياسة النقدية هو أن الأمر لا يتعلق بتحديد ما ينبغي أن يكون عليه قرار سعر الفائدة، ولكنه في الواقع معرفة ما الذي يحدث في الاقتصاد."