الحرة

تستعد وكالة الفضاء الأميركية (ناسا)، الاثنين، إلى إطلاق صاروخ يحمل كبسولة غير مأهولة إلى القمر في رحلة تجريبية أطلق عليها تسمية " أرتيميس 1".

ووسط ترقب كبير قبل ساعات من إطلاقه، وتمهد تجربة إطلاق "أرتميس 1" لرحلات مستقبلية للبشر للقمر تسعى "ناسا" لإطلاقها في السنوات المقبلة.

وبحسب وكالة "بلومبيرغ"، فإن الصاروخ الضخم غير المأهول سينطلق، الاثنين، ثم يدور حول القمر في مدار يأخذه إلى أعماق الفضاء قبل أن يعود إلى الأرض بعد 42 يوما.

وتهدف التجربة المثيرة التي سميت "أرتميس 1" على اسم الأخت التوأم للإله أبولو في الأساطير اليونانية، إلى هبوط أول امرأة وأول شخص ملون على سطح القمر في عام 2025.

وتمثل عملية إطلاق أقوى صاروخ فضائي في العالم دلالات رمزية على اعتبار أنها تستهل البرنامج الأميركي للعودة إلى القمر بعد 50 عاما على آخر رحلة ضمن برنامج "أبولو".

وبات الصاروخ البرتقالي والأبيض العملاق البالغ ارتفاعه 98 مترا موجودا منذ أسبوع في موقع الإطلاق الشهير "39B" بمركز كينيدي للفضاء.

في 2019، أحيا العالم الذكرى السنوية الخمسين لهبوط الإنسان للمرة الأولى على سطح القمر عبر مهمة "أبولو 11" التي ضمت، نيل أرمسترونغ وباز ألدرين ومايكل كولينز، في إنجاز تاريخي حبس أنفاس نصف مليار شخص تسمروا على شاشاتهم لمتابعة تلك "الوثبة العملاقة" للبشرية.

وحطت الوحدة القمرية المسماة "إل إي إم" والملقبة "إيغل"، عند الساعة 20:17 بتوقيت غرينيتش من مساء 20 يوليو لعام 1969.

وبعد أقل من ست ساعات، عند الساعة 02:56 ت غ، وطأ نيل أرمسترونغ بقدمه اليسرى القمر ونطق بجملته الشهيرة "إنها خطوة صغيرة لإنسان لكنها وثبة عملاقة للبشرية".

واليوم، يُتوقع أن يحتشد ما بين 100 ألف و200 ألف شخص لحضور عملية إقلاع الصاروخ من مركز كينيدي للفضاء بولاية فلوريدا الأميركية.

وبحسب فرانس برس، تشهد الفنادق الواقعة على شاطئ كوكو بيتش نسبة إشغال كاملة منذ أسابيع، حيث يوفر موقعها أفضل رؤية للإقلاع المرتقب.

وعلى سبيل المقارنة، فأن انطلاق أول رحلة مأهولة لشركة "سبايس إكس" عام 2020 استقطب 220 ألف مُشاهد. لطالما ظل نظام الإطلاق الفضائي قيد التطوير لما يقرب من عقد من الزمان، إذ تباطأ بسبب تجاوز التكاليف.

وبعد أكثر من خمس سنوات عن الموعد المحدد، شهد الصاروخ ارتفاع تكلفة تطويره من 7 مليارات دولار إلى حوالي 23 مليار دولار، وفقا لتقدير جمعية الكواكب.

وستكون نتائج فشل المهمة كليا كارثية نظرا إلى الموازنة الضخمة التي خصصت لهذا الصاروخ (4,1 مليارات دولار لكل عملية إطلاق، وفقا لتدقيق محاسبي عام)، وإلى تأخر المشروع (إذ طلبه الكونغرس الأميركي عام 2010، وكان من المفترض أساسا أن يُطلق عام 2017).

في المقابل، تعمل "ناسا" وبوينغ على تخفيف التوقعات قبل الإطلاق مؤكدين أن "أرتيميس 1" هو اختبار لنظام جديد ومعقد للغاية.

وقال المدير المساعد في وكالة ناسا لتطوير أنظمة الاستكشاف، جيم فري، خلال مؤتمر صحفي قبل الإطلاق، "إن الأمر لا يخلو من المخاطر".

وأضاف: "لقد قمنا بتحليل المخاطر بأفضل ما نستطيع، وقمنا أيضا بتخفيفها قدر الإمكان".

وعلى الرغم من عدم وجود أي بشر على متنها، فإنه سيتم وضع تمثال عرض الملابس - تُلقب بالقائد مونيكين كامبوس لتكريم مهندس ناسا الأسطوري الذي ساعد في إعادة "أبولو 13" بأمان إلى الأرض - ستكون على متن الكبسولة وتجلس داخل مقعد القائد.

وستجمع أجهزة الاستشعار المختلفة الموجودة على مقعدها وبدلة الفضاء بيانات حول الاهتزازات والتسارع والإشعاع خلال المهمة.

وسيكون هناك تمثالان مماثلان إضافيان على متن الرحلة مجهزين بآلاف أجهزة الاستشعار لتسجيل المزيد من التفاصيل.

وتهدف التجربة إلى اختبار الدرع الحراري للصاروخ والذي سيحمي رواد الفضاء عند العودة، حسبما قال مدير ناسا، بيل نيلسون، لوكالة "بلومبيرغ".

وما إن تصبح الكبسولة "أوريون" في مدار القمر الذي يبعد 380 ألف كيلومتر عن الأرض حتى تنفذ دورة ونصف دورة حوله وتصل إلى مسافة 64 ألف كيلومتر وراءه، أي إلى نقطة أبعد من أي مركبة فضائية مأهولة قبلها.

وخلافا لبرنامج "أبولو" الذي لم يتح المشي على سطح القمر سوى لرجال بيض، يلحظ برنامج "أرتيميس" إرسال أول امرأة وأول شخص ذي بشرة ملونة إلى القمر. وتلي هذه المهمة الأولى أخرى سميت "أرتيمي-2" تنقل رواد فضاء إلى القمر، لكنهم لن يطأوا سطحه. وسيكون هذا الشرف من نصيب طاقم بعثة "أرتيميس-3" التي لن تحصل قبل 2025.