لم ينتهي العالم بعد من مسلسل الصراع الأمريكي الصيني على شبكة الجيل الخامس، حتى طلت من النافذة تكنولوجيا جديدة تشعل من شدة التنافس.

ما زال حتى الآن يتابع العالم ملف العقوبات الاقتصادية الأمريكية على شركات تكنولوجية صينية عملاقة بقيادة هواوي وزد تي إي كورب لمعدات تصنيع الاتصالات، بعد منع تزويدها بمدخلات تكنولوجية أساسية لمنتجاتها، في إطار التنافس المحتدم بين الولايات المتحدة والتنين الصيني على تكنولوجيا الجيل الخامس.



ولكن يبدو أن الصراع ما زال في مهد الطريق، في ظل بدء سباق جديد لامتلاك تكنولوجيا شبكة الجيل السادس "6G"، والتي ستفتح الطريق أمام أول من يحظى ببراءة الاختراع لقيادة الثورة الصناعية القادمة.

في تصور مبدئي فإن الوصول لتكنولوجيا الجيل السادس يتطلب على الأقل 10 سنوات من الآن، والتي ستحدث نقلة غير مسبوقة في جميع مناحي الحياة

التصور المتاح عن شبكة الجيل السادس يكشف حجم التطلعات الهائلة للمتخصصين، فذروة سرعة التحميل للجيل الخامس تبلغ 10 جيجا بايت في الثانية، بينما تصل التقديرات بشبكة الجيل السادس إلى مليون ميجا بايت "تيرا بايت" في الثانية.

وبينما يوفر الجيل الخامس تدفق عالي الوضوح، وتوفير تكنولوجيا القيادة الذاتية، وتكنولوجيا إنترنت الأشياء التي تربط كل الأجهزة بالشبكة العنكبوتية، فإن الجيل السادس ستقوم بتوصيل كل الأشياء في البيئة المحيطة بنا، وسنستطيع الوصول إلى تكنولوجيا التصوير المجسم، والسيارات الطائرة، وربط الأجسام والأدمغة وتوصليها بالإنترنت.

في ضوء التكنولوجيا المرتقبة فإن الإنسان لن يستطيع التواصل فقط مع الأشياء، بل أن هذه الأشياء مثل الأثاث والملابس والأدوات سيكون بإمكانها التواصل معا.

هذا الطموح الهائل يقابله عقبات علمية، مثل كيف يمكن للموجات الهوائية التي تسير لمسافات قصيرة جدا أن تخترق بسهولة المواد مثل بخار الماء أو حتى ورقة.

كما يجب وجود محطات استقبال ونقل الإشارات داخل كل مبنى أو جهاز وليس فقط محطة مثبتة في كل شارع.

ويقول فيكرانت غاندي، مدير الصناعة الأول لتقنيات المعلومات والاتصالات في شركة فروست أند سوليفان، لوكالة "بلومبرج" إنه ينبغي تطوير كل ما يتعلق بتكنولوجيا الجيل السادس المعقدة بعناية فائقة مثل الاتصالات اللاسلكية الخاصة.

ويؤكد أنه يجب أن يتم تشكيل تحالفات تكنولوجيا عملاقة للوصول إلى هذه التكنولوجيا المتطورة للغاية.

وهو ما يتفق معه بيتر فيتر، رئيس قسم الاتصالات وبحوث الأجهزة في مختبرات بيل، الذراع البحثية في شركة نوكيا، إذ يشير إلى أن هناك سباق تسلح للوصول لتكنولوجيا الجيل السادس، ما يتطلب أعداد كبيرة من الباحثين حتى تستطيع الكيانات مواصلة التنافس.

بدأت الولايات المتحدة الأمريكية البحث في عام 2018، عبر إطلاق لجنة الاتصالات الفيدرالية طيفا تردديا أعلى بهدف إجراء تجارب تكنولوجيا الجيل السادس، وتم تشكيل تحالفا من الشركات في أكتوبر/ تشرين الأول 2020 يضم شركات أبل وايه تي أند تي وجوجل.

كما شرعت الصين في الأعمال البحثية في نفس العام، وتسعى لتوفير تكنولوجيا الجيل السادس بحلول عام 2029، حيث تبدأ شركة هواوي المهمة من خلال مركز أبحاث معني بتكنولوجيا الجيل السادس في كندا، وتتعاون شركة زد تي إي الصينية مع تشاينا يونيكوم لتطوير التكنولوجيا الجديدة.

أما كوريا الجنوبية تخطط لإطلاق تكنولوجيا المستقبل في 2026 بعد أن بدأت قبل عامين في أعمال البحث والتطوير، وترصد العام الحالي 2021 استثمارات تقدر بـ 11.7 مليار دولار لتطوير اقتصاد رقمي يشمل الجيل السادس، وهناك تعاون بين شركة إل جي إلكترونيكس وشركة سامسونج إلكترونيكس في هذا الصدد، كما شكلت شركة اتصالات كوريا الجنوبية جميع الشراكات المعنية بتطوير الجيل السادس.

فيما أطلقت اليابان جهود البحث العام الماضي استعدادا لدخول الجيل لسادس حيز التشغيل في 2030، وتخصص 9.6 مليار دولار للتقنية الجديدة، حيث شكلت شركات سوني وإن تي تي وإنتل منصة عالمية لتطوير هذه التكنولوجيا.

وعلى الصعيد الأوروبي، تقود شركة نوكيا مشروع البحث اللاسلكي "هيكسا –إكس" لتطوير الجيل الجديد من الاتصالات يضم شركات إريسكون وتليفونيكا وإنتل.

كما خصصت جامعة أولو الفنلندية 300 مليون دولار لتمويل برنامج بحثي، ودشنت جامعة ساري البريطانية مركز الابتكار لتطوير التقنية الجديد، وفي ألمانيا أطلق تحالف شبكات الجيل التالي للهواتف المحمولة مشروعا بحثيا، مع استعداد الحكومة لتمويل تطوير التكنولوجيا الجديدة.

فيما أعلن معهد سكولكوفو الروسي للعلوم والتكنولوجيا ابتكار جهازا يمكن أن يساعد على تطوير مكونات نظام الجيل السادس.