ترتبط البحرين مع مصر بعلاقات تاريخية متميزة تقوم على التواصل والمحبة والتعاون المشترك بين البلدين في كافة المجالات، وتعد نموذجاً يحتذي به في العلاقات العربية من جهة تنسيق المواقف وتطابق الرؤى في التعامل مع القضايا العربية والإقليمية والدولية، وفي هذا الإطار الأخوي بين البلدين الشقيقين، جاءت الزيارة الهامة لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البحرين المعظم إلى مصر كامتداد للزيارات المستمرة والمتواصلة بين قيادتي البلدين، ولتضيف لبنة جديدة إلى أواصر العلاقات البحرينية المصرية وبنيتها الراسخة.

وقد اكتسبت الزيارة السامية لجلالة الملك إلى مصر أهميتها من عدة اعتبارات، أولها: أنها جاءت في توقيت بالغ الدقة والأهمية في ظل التحديات الصعبة التي تجابهها المنطقة والعالم ومن أهمها تداعيات وتأثيرات الحرب بين روسيا وأوكرانيا التي مازالت محتدمة منذ 4 شهور مع عدم وجود أفق بحل قريب لهذه الأزمة، مما يستدعى صياغة موقف عربي مشترك ورؤية استراتيجية واضحة لصون وحماية الأمن والاستقرار العربي ككل، وفي هذا الإطار فقد أكدت قمة جلالة الملك مع الرئيس المصري والقمة الثلاثية التي جمعت القائدين مع العاهل الأردني على أهمية مواصلة التنسيق والتشاور حيال كافة المستجدات الراهنة، بما يعزز الجهود لحماية الأمن القومي العربي ويخدم مسيرة العمل العربي المشترك والمصالح العربية وشعوب المنطقة. ثانياً: جاءت الزيارة قبل أسابيع قليلة من انعقاد القمة المرتقبة التي ستستضيفها المملكة العربية السعودية بين قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية والأردن ومصر والعراق مع الرئيس الأمريكي جو بايدن لتمثل فرصة لتنسيق المواقف وتوحيد الرؤى بشأن الملفات والموضوعات التي ستتطرق إليها هذه القمة المهمة، وأخيراً فقد جاءت الزيارة لتؤكد على أهمية ما تضطلع به مملكة البحرين من دور قيادي هام في دعم التنسيق والتضامن العربي المشترك حيث شكلت هذه الزيارة السامية انطلاقة لتنسيق عربي واسع بدأ بمباحثات جلالة الملك مع الرئيس المصري وتلاه عقد القمة الثلاثية بمشاركة ملك الأردن، وانتهاء بزيارة ولي العهد السعودي صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود إلى مصر ومباحثاته الهامة مع الرئيس المصري في إطار جولته الإقليمية الحالية التي شملت في محطتها الثانية الأردن وتضمنت إجراء مباحثات مع جلالة الملك عبدالله الثاني، حيث تجسد مجمل هذه اللقاءات والمباحثات العربية الهامة التي كان للبحرين وجلالة الملك دور بارز في الدفع بها والمشاركة فيها مفهوم التضامن العربي الحقيقي بشأن الملفات والقضايا الاستراتيجية والتحديات التي تواجه حاضر ومستقبل المنطقة بأسرها، والتي يصعب على الدول العربية مواجهتها بشكل منفرد.

وبالإضافة لما تقدم، فإن مكتسبات وأهمية زيارة جلالة الملك المعظم إلى مصر لا تقتصر على دعم وتعزيز التنسيق والتشاور العربي المشترك في الجوانب السياسية وقضايا وتحديات المنطقة، وإنما تشمل كذلك دفعة إضافية جديدة لتعزيز التعاون الثنائي بين مملكة البحرين وكل من مصر والأردن، في ظل ما يجمع المملكة من علاقات وثيقة ووطيدة مع البلدين الشقيقين في كافة الجوانب حيث إن العلاقات متشعبة مع كلا البلدين في مختلف المجالات وصور التعاون الثنائي عديدة ولا تنحصر في مجالات محددة، ولذا من المؤمل أن تسهم زيارة جلالة الملك المعظم إلى مصر ومباحثاته مع الرئيس المصري والعاهل الأردني في تعزيز الشراكة والعلاقات القوية مع البلدين وفتح آفاق جديدة من التعاون الثنائي المشترك على كافة الأصعدة.