دقت أجراس الكنيسة في البحرين لأول مرّة في الرابع والعشرين من ديسمبر في قلب المنامة بمدرسة القلب المقدس في عام 1939، وبعد 83 عاماً قام بابا الفاتيكان قداسة البابا فرنسيس بزيارة تاريخية إلى بلد التسامح والتعايش الذي احتضن جميع الأطياف والمذاهب والشعوب بكل محبة واحترام.

البحرين سباقة في احترام الثقافات والأديان بدون تمييز، ودراستي في مدرسة القلب المقدس كانت تجربة تعلّمت منها الكثير، وزيارة البابا للبحرين جاءت لتؤكد على مكانة البحرين والسمعة التي اكتسبتها بلادي على المستوى الدولي كرمز للتعايش السلمي.

تشرّفت بأن أكون أحد طلاب تلك المدرسة، وشاهدةً على مرحلة مميزة من التعايش في البحرين، حيث ضمت المدرسة طلبة من الأديان كافة، وبرغم ما روج أن المدرسة تبشيرية التوجه، إلا أن هذا غير صحيح على الإطلاق، فلم يسمح للطلبة المسلمين حضور حصص الدين المسيحي بل تعلمنا أول سُوَر قرآننا الكريم وأحاديثنا الشريفة تحت سقف مبنى الكنيسة.. هكذا كانت البحرين قبل أكثر من أربعين عاماً وهكذا ظلت تحتضن الجميع.

زيارة البابا فرنسيس وشيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، بدعوة من جلالة الملك المعظم حفظه الله تعكس نموذجاً مشرّفاً للأخوّة الإنسانية، في مواجهة النماذج المشوهة لصورة الإسلام المعتدل السمح، والمتمثل في الأنظمة المتطرّفة والمتشددة في إيران وأفغانستان. يعتبر مفهوم الأخوّة الإنسانية من المفاهيم النبيلة التي تكفل الحريات، وتدعو للسلام والاحترام والتعايش، وأفتخر جداً كبحرينية، أن العالم يملك وثيقة إنسانية هامة، متمثلة في «إعلان مملكة البحرين للتعايش السلمي» في العام 2017، وفخورة كخليجية، أنه في العام 2019 وقع بابا الفاتيكان وشيخ الأزهر، وثيقة تاريخية حول الأخوّة الإنسانية في أبوظبي. صاحبت زيارة البابا إلى البحرين انتقادات من «خونة الأوطان»، المختبئين بستار ما يسمى بالمعارضة، بالإضافة إلى دكاكين حقوقية مدعومة من جهات خارجية، وقنوات إعلامية عرف عنها استهداف سمعة البحرين، كقناة الجزيرة التي تروّج أخباراً درامية زائفة، في حملات ممنهجة سلطت الضوء على قضايا مفبركة وادعاءات كاذبة حول ممارسة الاضطهاد تجاه فئة أو طائفة أو دين.

لاحظت بعض ردود الفعل السلبية غير المبررة على وسائل التواصل في ال+داخل البحريني، في دلالة على ضرورة توعية الشعب البحريني عبر الجهات المعنية الحكومية، ومؤسسات المجتمع المدني، بشأن توجه الدولة الإقليمي والدولي لنبذ التطرف الديني، وتبني الممارسات الفاعلة لمنهج الأخوّة الإنسانية، كأسلوب مستدام لحياة الشعوب، فلا مكان في البحرين لخطاب كراهية تجاه أي طائفة أو دين أو عرق أو رفع شعارات باسم الدين يراد بها الباطل.