يتداول البحرينيون هذه الأيام صور «الفوضى الخلاقة» في لوس أنجلوس على وسائل التواصل الاجتماعي، والتي تذكرهم بأحداث مروا بها قبل خمسة عشر عاماً.الصور الأمريكية لمجموعات تهاجم رجال الأمن من على جسر علوي في لوس أنجلوس ذكرتنا بما عشناه سابقاً على دوار اللؤلوة سابقاً «تقاطع الفاروق حالياً» حتى أطلق البعض منّا على صورة الجسر الأمريكي «بجسر اللؤلؤة» نظراً للتشابه الكبير بينهما!!الإدارة الأمريكية أرسلت قوات الأمن الفيدرالية التي استخدمت «القوة» لتفريق المتظاهرين بعد أن وصلت اعتداءاتهم على رجال الأمن بالدهس!! هل يذكركم ذلك بشيء؟ها نحن من جديد تتاح لنا فرصة الشماتة، ولا نشمت ولله الحمد، بل نقول اللهم أسبغ الأمن والأمان على كل مجتمع يعيش الخوف من الفوضى والتهديد بالخراب والدمار ممن يعتقد أن الدولة عدوة له دائماً، وأن الفوضى تجاهها هي خلاقة، فلا فوضى خلاقة إلا في أذهان من تبناها وحرض عليها، وها هي ترتد إليهم يعيشون ما اعتقدوه خلاقاً!!ليسوا هم وحدهم من ارتدت لهم الفوضى فباريس التي عرفت فوضاها الخلاقة بالسترات الصفراء، وأحداث لندن وأحداث ألمانيا التي رفعت شعارات حقوقية، ثم تحولت لفوضى اضطرت فيها الحكومات لتفريق المتظاهرين واستخدام القوة، ها نحن نرى الولايات المتحدة الأمريكية تمر بذات الظروف من جديد بعد الأحداث التي لحقت بقصة «أني لا أتنفس» والتي قتل فيها الأمريكي الأفريقي على يد رجال الأمن قبل أربع سنوات، وفيها كلهم لم تتردد الدولة أن تستخدم القوة في التصدي للفوضى التي فوجئوا بها أن لا علاقة لها بالخلاقة إنما كانت فوضى خناقة!الخلاصة أن المبدأ واحد الذي استندت عليه كل الدول بما فيها البحرين، والتي اضطرت لإنزال القوات الخاصة لوقف الفوضى، ويرتكز هذا المبدأ أنه حين تتحول التجمعات السلمية إلى تهديد للأمن الجماعي، فعلى الدولة أن تتحمل المسؤولية، وتوقف هذا العبث.اليوم اختفت وسكتت الأصوات الدولية التي كانت ترعى الفوضى، وأعلنت أنها غير معنية بإدارة غيرها من الدول، انتهى زمن الوصايات والتدخلات، ورفع الشعارات الزائفة، وكل دولة أصبحت معنية بنفسها فقط.مما يقودني إلى النصف الثاني من عنوان المقال (قصة العناية) إذ إن هناك مجموعة في البرلمان البريطاني اجتمع بها الوفد البحريني البرلماني قبل عدة أيام في المملكة المتحدة، ولفت نظري أن التسمية المعتمدة لهذه المجموعة «المجموعة المعنية بالبحرين»!!وتحفظنا هنا انتهى زمن «الوصاية» بكل توصيفاتها فلا أحد معني بنا، وبما أنها مجموعة تعمل على تنمية المصالح المشتركة بين البحرين وبريطانيا وازدهارها وهي كذلك بالفعل، وتشكر عليه، فلا داعي لتسميات يفهمه منها إسباغ العناية أو الرعاية أو الوصاية البريطانية، وعليه إما أن التسمية بها خطأ، أو الترجمة بها خطأ، وفي الحالتين كلتيهما الأمر يحتاج إلى تصحيح؛ لأننا نستبق حسن النوايا!القصتان أحداث لوس أنجلوس واسم المجموعة البريطانية تؤكدان بأن الثابت والمعتمد هو أننا وحدنا مسؤولون عن أنفسنا، وليس لأحد أن يعني بنا، أو يعلمنا كيف نتعامل مع مواطنينا وسلطاتنا والفوضى إن حدثت عندنا لا سمح الله، فلا أحد يعرف شعابنا إلا أهلنا.