أسدل الستار عن الانتخابات النيابية والبلدية التي جرت يومي السبت الموافقين 12 و19 نوفمبر 2022، وبذلك يكون قد اكتمل عِقد السلطة التشريعية وجميع أعضاء المجالس البلدية لمحافظات المحرق والشمالية والجنوبية، إيذاناً لبداية مرحلة جديدة من العمل الوطني الجاد والمخلص في الأعوام الأربعة القادمة بعون الله تعالى.

تنافس على مقاعد المجلس النيابي والمجالس البلدية، 334 و173 مترشحاً، على الترتيب، فاز منهم من حالفهم التوفيق وخسر منهم من لم يحصلوا على أصوات كافية تؤهلهم للمُضي قُدُماً في السباق الانتخابي، وبالتأكيد فإن المترشحين كافة قد قدموا أفضل ما عندهم في برامجهم إبان فترة الحملة الانتخابية في سبيل كسب ود الناخبين كل في النطاق الجغرافي لدائرته.

أمنياتي التوفيق والسداد لأعضاء المجلس النيابي، ولجميع أعضاء المجالس البلدية وزملائهم في مجلس أمانة العاصمة، لما فيه خير وصالح الوطن والمواطن.

إن ما تحقق في انتخابات 2022 كان ملحمة وطنية بحق سطرها شعب البحرين الوفي بمشاركة جماهيرية عريضة منقطعة النظير ارتقت إلى 73.2% من إجمالي الناخبين، وهي نسبة مشاركة شعبية منقطعة النظير وغير مسبوقة منذ أول انتخابات نيابية وبلدية في عام 2002، عقب إقرار الميثاق الوطني ودستور مملكة البحرين.

إن ما تميزت به إجراءات سير عملية الانتخابات من دقة وانضباط من قِبل الجهات الحكومية، والإشادة بتلك الإجراءات من قِبل جمعيات المجتمع المدني التي راقبت الانتخابات، من دون تسجيل أي شائبة، يُحسب للمكانة الراسخة التي تستند عليها مسيرة الديمقراطية في مملكة البحرين واللُحمة الوطنية لأفراد الشعب.

بنظرة عامة على الأرقام التي أسفرت عنها العملية الانتخابية، يمكن القول إن الانتخابات النيابية والبلدية 2022، قد كسرت كثيراً من الأرقام المسجلة سابقاً.

فإلى جانب ارتفاع نسبة المشاركة في الاقتراع إلى 73.2% كما سبقت الإشارة، وصل إلى المجلس النيابي 33 نائباً جديداً، من بينهم سبع سيدات ليرتفع عدد النساء في المجلس إلى ثمان، بالإضافة إلى ثلاث سيدات في المجالس البلدية.

لست هنا بصدد الإسهاب عن المشاركة الشعبية في الانتخابات فقد سبقني غيري إلى ذلك بطريقة أو بأخرى.

ولكن ما أود تسليط الضوء عليه هو حجم الناخبين الذين شاركوا بالاقتراع في الانتخابات ولكن من دون التصويت لأي من المترشحين للمجلس النيابي والمجالس البلدية في جميع الدوائر الانتخابية على حدٍ سواء.

بحسب قراءتي لأعداد الناخبين المشاركين في التصويت التي استقيتُها من الموقع الإلكتروني لانتخابات مملكة البحرين 2022 «vote.bh»، فقد تبين أن 6% من إجمالي عدد المشاركين في انتخاب أعضاء مجلس النواب في الجولة الأولى، لم يصوتوا لأي مترشح، وقد تفاوتت النسبة المئوية لذلك في الدوائر الانتخابية الأربعين بين 3.1 و13.8% من إجمالي عدد المقترعين في كل دائرة، فيما شهدت الانتخابات البلدية عزوف 5.9% من الناخبين عن الإدلاء بأصواتهم لأي مترشح، وقد تراوحت نسبتهم المئوية في الدوائر الانتخابية الثلاثين بين 2.6 و14.5% من إجمالي عدد المقترعين في كل دائرة.

تجدر الإشارة إلى أن المشهد نفسه قد تكرر في جولة الإعادة ولكن بدرجةٍ أقل، فقد امتنع 3% من إجمالي عدد المشاركين في اقتراع الانتخابات النيابية عن التصويت لأي مترشح، وتفاوتت النسبة المئوية لذلك في الدوائر الانتخابية الـ34 التي شمِلتها جولة الإعادة بين 1.3 و7% من إجمالي عدد المقترعين في كل دائرة، فيما رأى 2.7% من إجمالي المشاركين في انتخاب المجالس البلدية عدم التصويت لأي مترشح، وتراوحت نسبتهم المئوية في الدوائر الانتخابية الـ23 التي شمِلتها الجولة الثانية من 1.5% إلى 6.2% من إجمالي عدد المقترعين في كل دائرة.

إن الغرض من عرض الأرقام والنسب المئوية للناخبين الذين شاركوا في الانتخابات ولكن من دون التصويت لأيٍ من المترشحين، هو دق جرس للالتفات إلى الظاهرة محل الاهتمام.

صحيح أن أرقام الناخبين الذين وضعوا أوراقهم بيضاء في صناديق الاقتراع تبدو منخفضة نوعاً ما، إلا أنه من الأهمية بمكان النظر إليها والبحث فيها من قِبل الجهات المختصة للتقصي عن الأسباب التي دعت أولئك الناخبين إلى عدم التصويت لأيٍ من المترشحين. فمتى ما جرى تشخيص الأسباب التي دعت الناخبين المشار إليهم لأخذ ذاك المنحى، سهُل بعدها وضع الحلول التي تدفع الناخبين لمشاركة أكثر إيجابية وفاعلية في الانتخابات القادمة بإذن الله تعالى.