عندما توجه المواطنون إلى صناديق الاقتراع في نوفمبر الماضي لانتخاب أعضاء المجلس النيابي كان يملؤهم الحماس والأمل في أداء أفضل، ولذلك كان شكل التغيير كبيراً وملحوظاً، حيث رسبت أسماء ووجوه عديدة رأى المواطنون أنها لم تعبر عنهم تحت قبة البرلمان، ولم تقدم ما كانوا يتمنونه من جهود لتحسين الأوضاع الحياتية والمعيشية.

كان العقاب شديداً وحاسماً، واتجه الناخبون لاختيار نواب جدد لعل وعسى أن يكونوا أحسن أداءً وأكثر قدرةً على قياس نبض المجتمع والتعرف على همومه، والتعبير بصدق وقوة وشجاعة عن تطلعاته، فهل بدايات عمل المجلس النيابي تبشر بالخير حتى الآن؟!

لا نريد أن نستبق الأحداث؛ فالمجلس النيابي لا يزال في أشهر عمله الأولى، والنواب الجدد بالتأكيد ليس لديهم الخبرة الكافية حتى الآن ولا يزالون يتحسسون طريقهم لمعرفة إلى أي اتجاه يسيرون، ولكن كل ذلك -ورغم وجاهته- لا يمنع من أن نلفت انتباه النواب إلى أن البدايات مهمة جداً لكسب ثقة الناس وعلى أساسها تبنى المواقف.

السادة النواب عليهم منذ الآن الابتعاد عن الأفكار والمقترحات الغريبة وغير المنطقية، والتقدم بمشروعات حقيقية تهم المواطنين. لا تصنعوا فجوة بينكم وبين المواطنين، ولا تساعدوا على اتساع رقعة هذه الفجوة؛ فالمواطن البحريني لديه من الذكاء والفطنة ما يجعله قادراً على الفرز بين الصالح والطالح.

عليكم أن تعملوا وفق مبدأ "فقه الأولويات" في تقديم مشروعاتكم واقتراحاتكم، بالتركيز أولاً وقبل أي شيء على ما يهم المواطن في حياته ومعيشته ومستقبله من زيادة للرواتب وتخفيف تداعيات قانون التقاعد الجديد وحل مشكلة البطالة، وتحسين مناخ الاستثمار في المشروعات الصغيرة والمتوسطة وتحسين البيئة السياحية والحفاظ على المظهر الأخلاقي للمجتمع وغيرها الكثير، ولا سيما في ظل أوضاع اقتصادية طاحنة يمر بها العالم عامة ومملكة البحرين خاصة.

بالله عليكم لماذا تضعون أنفسكم في خانة "النقد" بأفكار غريبة وغير مدروسة ولا عائد من ورائها؟ لقد أشغلتم مواقع التواصل الاجتماعي بالسخرية والتندر عليكم، وبخاصة المقترح الخاص بإقامة فندق وقطار عند مقابر عالي، فهل مثل هذا المشروع منطقي؟ كيف تفتقت القريحة بالتفكير فيه، ثم موافقتكم على تحويل الدراسة إلى "أونلاين" خلال شهر رمضان المبارك، كيف توافقون على هذا المقترح؟! ألم تشاهدوا بأعينكم كيف تراجعت العملية التعليمية في البحرين بسبب هذا النظام خلال فترة كورونا؟

من الذي أقنعكم أن شهر رمضان الفضيل هو أصلاً للدعة والراحة؟! فهو شهر للعمل والاجتهاد ولم يكن الصيام مطلقاً سبباً في الكسل والراحة، بل إن كبريات المعارك الإسلامية والعربية قديماً وحديثاً كانت في شهر رمضان وتحقق فيها النصر المؤزر بفضل من الله عز وجل، بداية من غزوة بدر الكبرى في العام الثاني للهجرة، ثم معركة القادسية، وفتح الأندلس، وموقعة حطين، وصولاً إلى حرب السادس من أكتوبر عام 1973.

وأعتقد أن الأنسب خلال شهر رمضان هو تغيير ملامح اليوم الدراسي بحيث يتم تأخير مواعيد الحضور لتبدأ الحصص في الثامنة أو الثامنة والنصف صباحاً، مع تقليل زمن الحصص وتبكير وقت الانصراف، بحيث يكون هناك توازن ولا يتأثر الطلاب أو العملية التعليمية.

لا يهمنا كمواطنين ونحن نتابع جلسات المجلس النيابي أن نستمع إلى صراخكم و"هواشاتكم" فيما بينكم، لا يهمنا ولا يسعدنا أيضاً أن نتصيد أخطاءكم وزلاتكم، لا نريد منكم التسرع في اتخاذ المواقف وإطلاق الكلمات ثم الاعتذار عن سوء الفهم، فما لذلك انتخبناكم، وإنما انتخبناكم لتقوموا بأداء أمانتكم الوطنية بكل كفاءة، ولذلك فإن تحسين أحوال المواطنين يجب أن يكون الأولوية.

أيها النواب، وضعنا فيكم آمالاً عريضةً فلا تضيعوها.. حفظ الله مملكة البحرين وشعبها الكريم وأدام عليها نعمة الأمن والأمان.