الحملات الشعبية لمقاطعة السلع وسيلة شعبية قديمة وتنظيمها له أساليب عديدة، ومنها وسائل التواصل الاجتماعي، إنما قصة «تشكيل لجان شعبية» التي جاءت على لسان النواب وأثارت حفيظة البعض ارتبطت في الأذهان بظروف الفوضى، حيث تغيب السلطات الرسمية فتفعل اللجان الشعبية كبديل مؤقت لها، وهذا لا علاقة له بموضوع حملات مقاطعة السلع التي يرتفع سعرها.

وحتى الدعوة للامتناع عن شراء أي سلعة يراها المستهلك غالية هي دعوة في محلها، فما تراه غالياً واقتناؤه ليس مسألة حياة أو موت توقف عن شرائه، وهذا حق من حقوقك كما هو وعي استهلاكي متقدم.

طيب وماذا عن دعوة الآخرين للامتناع مثلك وتوعيتهم بأن الأسعار لها علاقة بالعرض والطلب فإذا أراد المستهلك أن يقل السعر قلل هو الطلب عليها، فإبمكان المستهلك أن يعمل على التوعية بهذه المعادلة والدعوة لها كما فعل المستهلكون في كل بلاد العالم واستخدموا مؤخراً هاشتاق شبيه بهاشتاق خلوها-تخيس الذي دشنه مجموعة ناشطين كويتيين عام 2015، بل إن الهاشتاق استخدم في أكثر من بلد ولأكثر من سلعة.

في عام 2017 نظمت ربات البيوت في مصر حملة مقاطعة للدجاج بعد أن ارتفع سعرها والأدهى أن جهاز حماية المستهلك وهو جهاز رسمي حكومي مصري شاركها في الدعوة ولم يكن ذلك إلا لأن العملية كلها توعية استهلاكية إلى أن انخفض السعر، واليوم الحديث عن حملات شعبية لمقاطعة السلع المرتفعة ينتشر في جميع وسائل الإعلام المصرية.

الشاهد أن تنظيم حملات شعبية لمقاطعة السلع من أجل تخفيض الطلب فينخفض السعر هو عمل مشروع وليس بدعة أو جديداً، هو وسيلة مجربة من أجل حماية المستهلك ولا علاقة لها بصورة اللجان الشعبية التي في أذهاننا، كما أنها لا تمنح أي أحد سلطة التفتيش أو تمنحه الدعوة لمقاطعة متجر معين، فتلك أعمال غير مشروعة بل ومجرمة، أما حملات المقاطعة فهي دعوة للامتناع عن شراء سلعة غالية مؤقتاً والمساعدة على البحث عن بدائل إلى أن يقل الطلب ويزيد العرض فينخفض السعر وذلك وعي استهلاكي متقدم.

ومن المفيد في هذه الظروف أن تنشط الحملات الشعبية للتوعية الاستهلاكية الصحية على سبيل المثال بعرض البدائل الغذائية المناسبة والمساعدة في سد النقص، وكذلك الترويج للعروض الشرائية التي تساعد في خفض الأسعار إلخ.. من وسائل مساعدة الناس في تخطي مراحل وظروف صعبة كظروف الغلاء.

الخلاصة النشاط الجمعي وخدمة المجتمع ليست للفوضى فقط، بل بإمكان النشاطات الجماعية أن تكون عاملاً مساعداً للحكومات وللدول في تجاوز ظروف أحيانا تكون خارج إرادة أي دولة، فلنساعدهم بمنحهم الخيارات وتوجيههم كي يساعدوا أنفسهم ويساعدوا الدولة أيضاً.