يحتفل العالم كل عام في الأول من مايو بعيد العمال، فيطرح السؤال ما هو الجديد الذي يضاف على الساحة العمالية على المستوى العام للارتقاء بالعامل في سوق العمل؟ وما جديد ما يضاف إليه؟

وهل فكرت الحكومات والسياسات العمالية والاقتصادية في سوق العمل عن مدى تأثير التقنيات التكنولوجية الجديدة ومنها الذكاء الاصطناعي على العامل، ومهنته، وحقوقه، وما يمكن الاستفادة منه في صالح العامل لتحسين جودة العمل وأداء العامل؟ حيث هو الموضوع الأكثر أهمية والمثير للجدل اليوم، والشاغل الأكثر تفكيراً لدى كل عامل لديه صناعة يخاف على مهنته، ووظيفته ورزق عيشه وضمان بقائه واستقراره وأمان أسرته.

وذلك لكون الذكاء الاصطناعي سلاحاً ذا حدين له تأثير إيجابي وآخر سلبي على العمال فتأثيره الإيجابي: يقوم على تبسيط المهام المتكررة والبسيطة، ومنها توفير الوقت لإنجاز المهام المعقدة إذا تم العمل بالذكاء الاصطناعي بشكل صحيح، وتحسين الإنتاجية وكفاءة العمل، وتوفير الموارد مما ينعكس على زيادة أجور العمال، إضافة إلى إنشاء وظائف جديدة، بينما تأثيره السلبي: يفقد بعض العمال المهرة وغير المهرة وظائفهم، مؤدياً إلى تشردهم وتدهور أوضاعهم الاقتصادية.

وعليه وجب معالجة هذه التحولات بطريقة تضمن حقوق العمال، فكان على الشركات، والحكومات، والمجتمعات التفكير بجدية في الطرق التي يمكن من خلالها مساعدة العمال في التأقلم مع التحولات المتعلقة بالذكاء الاصطناعي، ومنها على سبيل المثال: تدريب العمال على استخدام التكنولوجيا الجديدة، والتأهيل للوظائف الجديدة التي تنشأ نتيجة لتقديم الذكاء الاصطناعي، وتوفير الدعم والمساعدة للعمال الذين يفقدون وظائفهم بسبب استخدام الذكاء الاصطناعي، وإطلاق مبادرات تعزز الحقوق العمالية كتطوير تشريعات وسياسات تحمي حقوق العمال، والحفاظ على الوظائف التي يمكن أن يقوم بها البشر، والتقييم المستمر حيث يجب تقييم الآثار الاجتماعية والاقتصادية للاستخدام المتزايد للذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الأخرى، وتشجيع الحوار والتعاون بين الشركات والحكومات والمجتمعات المحلية والعمال، وتضمينهم في عملية صنع القرارات المتعلقة بتطوير التكنولوجيا وتطبيقاتها، وتطوير برامج للمساهمة في تحسين الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية للمجتمعات المحلية، وتحفيز الابتكار الاجتماعي، ودعم المشاريع الريادية، وعمل الجميع سوياً لضمان أن تقَدم تقنية الذكاء الاصطناعي تؤدي إلى تحسين الحياة الاقتصادية والاجتماعية للجميع بدلاً من التسبب في ضرر لحقوق العمال.

كما يمكن الاستفادة من تقنية الذكاء الاصطناعي في حماية حقوق العمال من خلال: التحليل الاجتماعي للبيانات لتحديد الظروف الاجتماعية والاقتصادية للعمال في سلسلة التوريد، والتي يمكن استخدامها كمعلومات تبين مدى التزام الشركات بسياسات حقوق العمال، كما يمكن استخدام تكنولوجيا البلوك تشين لتحقيق الشفافية في سلسلة التوريد، لتتبع الطريقة التي تم فيها إنتاج المنتجات، وضمان سلامة العمال، والعمليات التي تمت في الإنتاج، واستخدام الروبوتات الاجتماعية، لتسهيل التواصل بين العمال وإدارة الشركة، واستخدام تقنيات التعلم الآلي لتحديد الظروف التي قد تؤثر على سلامة العمال مثل: الإصابات الناتجة عن أخطاء في التصنيع أو الظروف البيئية الخطرة، واستخدام الروبوتات الذكية لتحسين سلامة العمال في بيئات العمل الخطرة، والتي طبقتها عدد من الشركات كسياسات هدفت إلى حماية حقوق العمال، وتعزيز التكنولوجيا بشكل مسؤول، ومن بين هذه الشركات: شركة مايكروسوفت، وباتاغونيا، وبينغ، وغوغل، حيث هي السياسات التي تؤكد على عمل الشركات والحكومات معاً للتأكد من أن التكنولوجيا تستخدم بطريقة مسؤولة، وتساعد في تحسين الحياة الاقتصادية والاجتماعية للجميع.

وقفة

من الضروري دراسة الفوائد والمخاطر المرتبطة بتطبيق الذكاء الاصطناعي في سوق العمل واتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية حقوق العمال، وضمان توفير فرص عمل عادلة ومستدامة، حيث يعتمد تأثير الذكاء الاصطناعي على العمال وحقوقهم على مدى التوازن بين الاستخدام الفعَّال للتكنولوجيا والالتزام بحماية الحقوق المهنية والإنسانية للعمال، وكل عام والعمال بخير وفي أمن وأمان وبضمانات حقوقية آمنة ومستقرة.