مازلنا نعيش أجواء عيد الأضحى المبارك، عيد التضحية والفداء، ومازلنا نردد مع جموع المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها: "لبيك اللهم لبيك.. لبيك لا شريك لك لبيك.. إن الحمد والنعمة لك والملك.. لا شريك لك".

وكلما جاء العيد تذكرنا طفولتنا المبكرة قبل أكثر من ستين عاما، فقد كنا نفرح لقدومه، لأن العيد بالنسبة لنا يعني العيدية، فقد كنا نمسح بيوت مدينة الحد بيتا بيتا، وكان الموسرون والأغنياء يجزلون لنا في العيدية وأما الناس الفقراء فقد كانوا يكتفون بالروبية الواحدة لكل منا. ولا يأتي ضحى العيد إلا وقد امتلأت جيوبنا بالعيادي والربابي وأصبحنا كالسلاطين والباشاوات فنسعد بذلك. ولا تكتفي بمدينتنا، بل نعبر بالباص الخشبي إلى مدينة المحرق ونركز على زيارة العوائل الثرية التي تملأ جيوبنا بالنيطان فنذهب إلى سينما المحرق ومن برادة إلى أخرى ولا تمر أيام العيد إلا ونكون قد "فلفصنا" العيدية عن آخرها.

كنا ونحن صغار نحس بقدوم العيد من "الخرخشة" التي تحدث في البيت فقد كانت الوالدة رحمها الله تزين قاعة الجلوس وتفرشها بالمخدات الجديدة والمساند وتجهز أطعمة العيد من بلاليط وخنفروش ومحلبية، وكان الوالد رحمه الله يذهب إلى سوق المحرق لجلب الحلوى والرهش والمكسرات.

وعيد الأضحى سمي بهذا الاسم؛ لأن المسلمين يضحون فيه بأحد الأنعام من خروف أو بقرة أو ناقة، كل حسب استطاعته وتوزع لحومها على الفقراء والمساكين من أبناء الحي وعلى الأقارب وأهل بيت المضحي، وكانت بعض الأسر الغنية تعد غداء العيد من الأرز واللحم وتدعو أهل الحي لتناوله بعد صلاة الظهر مباشرة.

وعيد الأضحى مدته شرعا أربعة أيام بعكس عيد الفطر الذي مدته يوم واحد، وقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قدم المدينة المنورة "يثرب" رأى أن أهلها لهم يومان يلعبون فيهما فقال عليه الصلاة والسلام: "قد أبدلكم الله سبحانه وتعالى بهما خيرا منهما يوم الفطر ويوم الأضحى" وقال: "يوم عرفة ويوم النحر وأيام التشريق عيدنا أهل الإسلام وهي أيام أكل وشرب". ومن هذا الحديث نستنتج أن العيد يومان يوم الفطر ويوم الأضحى، لكن يلحق بالأضحى أيام التشريق الثلاثة فتصبح مدته أربعة أيام، ولهذا فإن جمهور العلماء يمنعون صيام هذه الأيام تطوعا أو قضاء أو نذرا ويرون بطلان الصوم لو وقع في هذه الأيام المباركة.