إذا كان النبي –والملائكة تحفه من كل اتجاه– لم يتماسك للحظات حين تحولت "عصاه" إلى ثعبان عملاق، فما حال من تناولوا قصصه بعد آلاف السنين.

شتان بين العصا والثعبان، تلك العصا التي بدأت بـ "أتوكأ عليها" وانتهت بـ "ولي فيها مآرب أخرى".

لقد ارتبط الظهور الأول لتلك العصا بسؤال من الله "وهو العليم": وما تلك بيمينك؟ إنه يعلم! ولكنه يثير لدى موسى التفكير واليقين بأن مجرد عصا يتوكأ عليها يستطيع أن يغير بها العالم.

ونحن هل نستطيع أن نمتلك عصا موسى؟ بل هل نحن مدركون أن هذه العصا هي بمتناولنا فعلياً..

سؤالٌ طرحه أحد الأشخاص بعد أن احتدم النقاش بينه وبين آخر، حين كان الأول يندب حظه العاثر في الحياة، وبنظرةٍ يائسة وبعبارةٍ بائسة أردف قائلاً: " لا أملك عصا موسى".

ليجيب الآخر: "بل أنت تملكها .. عصا موسى يا صديقي هي الفرص التي تحيطك من كل جانب.. هي أدوات الحاضر، ومهارات المستقبل، هي السرعة، هي الإنتاج وهي الذكاء وهي الصناعة والابتكار .. إنها خلاصة منظومة علمية تطورت واجتازت الزمن .. إنها آلة الخيال والواقع "الذكاء الاصطناعي".

وهنا استوقفتني هذه الإجابة .. لأننا فعلياً نمتلك أدوات يمكن أن تحقق المعجزات .. فالذكاء الاصطناعي أو ما يسمى بأداة العصر .. قد يرقى إلى مرتبة "عصا موسى القرن الواحد والعشرون"، لما أحدثه من تأثير قوي في مختلف المجالات، فهو العدّاء الماهر، والقادر بسرعته الفائقة على سباق الزمن من أجل الإنسان!

لقد أصبح الذكاء الاصطناعي كالعصا السحرية التي تمكن الفرد المقبل على تأسيس مشروعه الأول من اختصار المسافات زماناً ومكاناً، ويقلص إلى حدٍ كبير تلك النفقات الباهظة التي كانت العائق الأكبر أمامه، ولقد وجد الباحثون أنفسهم بين لحظةٍ وضحاها يمتلكون فعلياً عصا موسى التي تأتيهم بالمعلومات في غمضة عين وتسرد لهم المنطق العلمي البحثي في تراتبية مذهلة بضغطة زرٍ واحدة.

كما تربَعت خوارزميات العصا على عرش الذهول الإلكتروني، فهي تستكشف ما تفكر به لتفاجئك فوراً بمئات المقترحات التي تلبي شغفك.

العصا التي امتلكها كليم الله يوماً تتجدد لتمنحنا ربما ما يفوق التوقعات.

ومضة

لمّا فزع نبي الله موسى عليه السلام حين رأى عصاه تتحول إلى ثعبان لا ننكر أننا لوهلة فزعنا حين ظننا أن الذكاء الاصطناعي حلّ محل الإنسان.

[email protected]