ما نشرته بعض الصحافة في الأسبوع الماضي عن أزمة بريطانيا بشأن تكدس السجون، وما ذكره رئيس الوزراء السيد كير ستارمر عن الأزمة التي لم يكن يعلم عنها شيئاً قبل توليه الحكومة، ووصفه لها بالكارثة، يؤكد أن مملكة البحرين صاحبة رؤية فريدة في هذا المضمار، وسبقت فيها دولاً عظمى مثل بريطانيا.هذه المشكلة ليست في بريطانيا فقط، ولكنها قضية تعاني منها معظم دول العالم حيث ترتفع وتيرة الجرائم بصورة لا تستوعبها طاقة السجون، وهذا ما أدركته البحرين في وقت مبكر جداً عندما طرحت عدة مبادرات نوعية بداية من السجون المفتوحة والتدابير العقابية المتنوعة، وصولاً إلى العفو الملكي السامي الذي وفر للمجتمع البحريني راحة واستقراراً وحماية لا توصف ولا يمكن قياسها بأرقام.وأنا هنا أريد توضيح مدى تبعات ما يحدث في مملكتنا الغالية من أثر إيجابي كبير على خفض معدلات الجريمة، وإحداث استقرار مجتمعي شامل، ينعكس أثره على معدل الولاء والانتماء وحب الوطن وقيادته الرشيدة والحكيمة، فلقد عملت البحرين عبر وزارة الداخلية والجهات ذات الصلة على برامج نوعية للإصلاح والتأهيل، ووضعتهما قبل فكرة العقاب على الجريمة، وسعت لتنفيذ برنامج العقوبات البديلة بما يتيح للمدانين في جرائم غير خطيرة، خيارات لتنفيذ عقاب لا يضر بصاحبه أو بسمعته، ويحفظ له تواجده مع عائلته وقدرته على توفير سُبل العيش الكريم لهم، ولا أستطيع شرح تفاصيل تلك العقوبات في هذا المقال المختصر، وإنما يمكن تسليط لمحة ضوء على أثرها.ثم جاءت بعد ذلك تجربة السجون المفتوحة وما رأيناه من تطور في شكل السجون، والذي يعطي للمدان في جرائم متعددة، فسحة من الوقت لينظر ويتدبر ويرى رد فعل الدولة على ما اقترفه من جريمة، فيعلم أنه كان بالفعل مخطئاً، ولن يفكر أبداً في الإساءة إلى هذا الوطن الذي احترم آدميته وقدم له أكثر مما قدمه له المغرضون.وتُوجت هذه المبادرات بالعفو الملكي السامي المتعدد من لدن حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم حفظه الله ورعاه، والذي صدر أكثر من مرة خلال الآونة الأخيرة، وخرج على إثره أكثر من 1500 سجين، لتفرح البحرين كلها سواء أقارب هؤلاء أو حتى ممن ليست لهم صلة بهم، وهذا ما شهدناه جميعاً على الشاشات، وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، حين ذهب كل المجتمع البحريني ليشارك فرحة الإفراج عن المسجونين الصادر بحقهم عفو ملكي.قد يرى كثيرون في دول أوروبا التقدم والتطور، وهذا حق لا نشكك فيه، إلا أن سباقات العدو والفروسية عادة ما تبدأ بتفوق بعض العدائين والفرسان، ثم تنتهي بنتائج أخرى غير البداية، وهذا ما فعلته البحرين التي قرأت التجارب، ودرستها واستخرجت منها العبر، ثم طورتها لتصبح أفضل مما جاءت به، وطبقتها لتخرج في نهاية السباق فائزة بالمركز الأول.هي أفكار أولية ربما وضعها آخرون، لكن الأيادي البحرينية المحبة لهذا الوطن الغالي، قد وضعت لمساتها بشغف وحرص على أن يكون مجتمعنا مستقراً وآمناً ومتآلفاً، لتخرج لنا هذه الأفكار، وأنا على يقين أن تجربتنا اليوم ستدرّس غداً عند أوائل أصحاب التجارب.* قبطان - رئيس تحرير جريدة «ديلي تربيون» الإنجليزية
{{ article.visit_count }}
970x90
{{ article.article_title }}
970x90