لا يمكن لأي مشروع أن يحقق نجاحاً إلا من خلال تنفيذ مجموعة من الخطوات المتقنة، والتي تبدأ من: التخطيط الجيد، وفهم طبيعة المشروع والسوق التي سيعمل فيها، واختيار فريق عمل متميز، ثم الإدارة المتميزة وأخيراً الابتكار والتكيّف مع متغيرات السوق.

هذه الخطوات مذكورة في العديد من كتب الاقتصاد ويتطرّق إليها الخبراء عند الحديث عن المشروعات الاستثمارية، وبالطبع فإن لكل خطوة تفاصيل كثيرة ودقيقة، وتختلف باختلاف طبيعة المشروع وسيناريوهاته، وكذلك طبيعة السوق الخاصة بذلك المشروع.. وأمور أخرى لا أجد نفسي خبيراً للحديث عنها، وإنما أتحدث في العموميات.

لكن لماذا أضع نفسي موضع خبراء الاقتصاد بينما أنا لست كذلك؟
الإجابة تكمن فيما رأيته ويراه أهل البحرين اليوم في شأن شركة مكلارين التي تمتلكها البحرين عبر ذراعها الاستثماري ممتلكات، فكان الدافع لأن أبحث في هذا الواقع المتجسّد أمامنا، وقد حاول البعض التحذير من الاستثمار فيها.

لكن اليوم وبعد أكثر من نجاح حققته مكلارين في زمن قصير من انتقالها كلياً إلى إدارة بحرينية، يحفّزني على الحديث عن معايير وخطوات نشأة وتطور المشروع الناجح، وأسباب النجاح الحاصل، ولا بأس أن أسخر قليلاً من هؤلاء الذين هاجموا مكلارين وصدّعونا بصياحهم، لكن عندما نجحت وتألقت، اختفوا وصمتوا ولا تحسّ منهم من أحد أو تسمع لهم ركزاً.

فلو تطرّقتُ إلى أول خطوات المشروع وهي التخطيط، فإن «ممتلكات» كانت بالفعل تمتلك نسبة في الشركة، وتعلم تماماً التحديات وفرص النجاح، وخطّطت لتحويل التحديات إلى ثمار نقتطفها اليوم، ولم يكن ذلك إلا عبر التخطيط لاتخاذ قرار الاستحواذ الكامل على الشركة لإدارتها بسيطرة كاملة على كافة مفاصلها.

وبالتأكيد، فإن البحرين لم تكن من الدول الضليعة في صناعة السيارات، وخاصة سيارات السباقات، إلا أنها عملت بصمت واحترافية على وضع تصوّر واقعي لطبيعة هذا المشروع، فهو ليس مشروعاً تجارياً أو عقارياً أو حتى صناعة سيارات تقليدية، وإنما سيارات ذات طبيعة خاصة ولها سوق خاص جداً، وهنا تتحقق خطوة فهم السوق وطبيعة المنتج بنجاح، وهو ما ظهر من النتائج الأخيرة لسباقات الفورمولا حول العالم.

ثم نأتي لمرحلة اختيار فريق العمل، والذي لم يكن إلا النسخة الـ»تربو» من فريق البحرين الذي وضع لبنته صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، حفظه الله ورعاه، فلا يخفى على أحد أن فريق عمل هذا المشروع لابد وأن يكون على قدر كبير من التخصّص والاحترافية.. والوطنية في ذات الوقت، وهذا ما رأيناه في فترة وجيزة، حيث لمسنا جميعاً حب العاملين في هذا المشروع للبحرين، ورغبتهم الجامحة في رفع اسم البحرين في أكثر السباقات متابعة في العالم.

لاشك أن ما حدث في تاريخ سيارات مكلارين خلال الفترة الأخيرة يمثل معجزة وقصة قصيرة للنجاح، فبعد أن كانت السيارة في ذيل السباق، تحولت بقدرة قادر وبجهد وطني مخلص، وبعقول بحرينية وأجنبية شكلت توليفة النجاح والتألق، ولهذا فإن صاحب السمو الملكي ولي العهد رئيس مجلس الوزراء رعاه الله، قد رسم لنا مساراً خاصاً للعمل الوطني الاحترافي الذي يغيّر المعادلات ويحوّل الخسارة إلى أرباح. فشكراً يا صاحب السمو الملكي الأمير سلمان، وشكراً لفريق البحرين الوطني المخلص، وإلى مزيد من النجاحات والأمنيات الجديدة بإذن الله تعالى.

* قبطان - رئيس تحرير جريدة «ديلي تربيون» الإنجليزية