في مشهد كارثي مفزع غير مسبوق في تاريخ البشرية، امتدّ حولاً من الزّمن لعدوان إبادة جماعية شنّها الجيش الإسرائيلي على المدنيين العزّل بقطاع غزة، حيث محق آلاف من النساء والأطفال والشيوخ والشباب والرّضع، وأسفر عن دمار شامل، وتهجير وتجويع، نكبة ومأساة إنسانية، تدمير للبنية التحتية، كلّ ذلك بذريعة الرّد على عملية طوفان الأقصى.

.

مشهد امتدت رقعة وطيسه في زمن قياسي مقارنة بـالاكتساح الاستيطاني طيلة سبعة عقود، من غزة والقطاع إلى معبر رفح ودخول إسرائيل محور الدلتا وخرق للاتفاقية بين مصر وإسرائيل، التي تم التوصل إليها بعد حرب 1973، وما تحتويه من بنود بشأن الحدود والسيطرة العسكرية، ثم العمليات العسكرية الإسرائيلية المكثّفة، والتي تمثّلت في اقتحامات مستمرة للمدن والقرى، إلى الهجوم الإسرائيلي على لبنان وصولاً إلى استهداف العاصمة بيروت.

.

تعكس قراءة المشهد الحالي للعدوان الإسرائيلي منذ بدايته في المنطقة، فهماً عميقاً للأبعاد السياسية التاريخية عسكرياً للعدوان على غزة، واستخدامها كذريعة للتّوسع الاستيطاني وتحقيق الأهداف الاستراتيجية للحكومة الإسرائيلية من الصراع.

.

فقد كرّست الحكومة الإسرائيلية العدوان على غزة كذريعة لتعزيز مستوطناتها في الضفة الغربية وكذلك سائر مناطق النّزاع، مستخدِمة العمليات العسكرية «للرّد» على الفصائل، وسيلة لتبرير السيطرة على أراض جديدة، وإعادة إحكام نفوذها على المناطق الحدودية، وتجديد الدعم الداخلي بواسطة تعزيز النزعة القومية، كما هو معروف عموما أن الأزمات تؤدي إلى تعزيز الشعور القومي داخل المجتمعات، مما يجعل الحكومة قادرة على تحقيق دعم سياسي أكبر، وبالتالي تبرير توسعها في السياسات الخارجية.

.

لذا تدّعي الحكومة الإسرائيلية، وتسوّق للرأي العام العالمي أنّ التوسع العسكري الاستيطاني ضروري لضمان أمنها، وتخفي أنها بذلك تزعزع أمن المنطقة برمّتها.