من قصر الشعب بدمشق عاصمة الجمهورية العربية السورية المحررة من النظام السابق، الذي ترك وراءه آثاراً نفسية وأضراراً جسيمة على أبناء الشعب، ظهر أحمد الشرع على شاشة قناتي "العربية" و"الحدث" مع الإعلامي القدير طاهر بركة في لقاءٍ مليء بالهدوء والطمأنينة، ليس ليضع بصيص أمل في قلوب السوريين فحسب، بل وجه رسالة طمأنينة لكافة دول الجوار ودول الخليج والدول العربية. فالمحلل للغة الكلمة والجسد سيدرك أن حديث الشرع لم يكن مجرد كلمات تُلقى، بل كان يحمل في طياته روحاً إنسانية ووعياً عميقاً بمعاناة شعب عاش سنوات من الألم والحرمان.
بخطابه المتزن ونبرته الواثقة وشخصيته الهادئة وحواره العميق، عبّر الشرع عن التزامه ببناء وطنٍ يليق بأبناء سوريا. لم يكن تركيزه على السلطة أو المناصب، بل على القيم التي تجمع الجميع؛ العدالة، الحرية، والمساواة. تحدث بشفافية عن حساسية الوضع الراهن والتي تدعو إلى حكومة اللون الواحد لضمان انسجام العطاء وتوحد الجهود وأن مصلحة البلاد تفوق بكثير المصلحة الخاصة أو أن تُهدى السلطة بالمحاصصة وتوزع بين طائفة أو حزب.
وتحدث بحزم عن ضرورة ملاحقة مرتكبي الجرائم بحق الأبرياء، ليس بدافع الانتقام، بل لإعادة الحقوق وردّ الاعتبار لمن فقدوا كل شيء في هذه الحرب الطويلة.
وفي الوقت عينه لم يكن جوابه نموذجياً منمقاً أو أفلاطونياً مزخرفاً بما يخص "الرئاسة"، ولكنه أشار إلى ضرورة صياغة دستور جديد لضمان إجراء انتخابات حرة ونزيهة، مع التركيز على إعادة بناء البنية التحتية وتحسين الظروف المعيشية للمواطنين.
نتمنى أن تبقى صورة أحمد الشرع كما شاهدناها في المقابلة، خاصة وأن الدول العربية بدأت في زيارات لقصر الشعب لتقديم الدعم والمساندة، ومنها مملكة البحرين، التي ترأست القمة العربية في دورتها الحالية، والتي قامت بواجبها العربي والإسلامي تجاه بلد شقيق عانى الكثير من الويلات والتشريد والتهجير واللجوء القسري.
وعليه نأمل ألا يخيب رهان الشعب السوري والعربي الحر في فوز ما يشاركنا به أحمد الشرع من مستقبل مشرق متجدد وأنه قادر على التغيير لأجل التغيير.