الحياة مواسم، فصول، كل فصل له طبيعته الخاصة، صيف، وشتاء، وربيع، وخريف، بمعنى آخر، موت وولادة، أو ولادة وموت، مد وجزر، إذاً، لا شيء يبقى على ما هو عليه، لا الحزن يدوم، ولا الفرح أيضاً.
هي حركة حوار كوني بين جميع الأشياء، بين الأرض والسماء، والبحر واليابسة، والصمت والضجيج، والليل والنهار.
لكن الإشكالية التي يعاني منها الإنسان في العالم هي الاستعجال في الحصول على ما يريد بيسر وسهولة، من غير المرور على مطبات، بالضبط كمن يريد صعود جبل أو شجرة، من غير أن يستخدم يديه وقدميه.
فالكل يحاول الحصول على الثمرة في نفس الوقت الذي يغرس فيه البذرة في التربة، فالثمرة، الفكرة، الرغبة، هي الحلم، يحتاج إلى وقت كي يثمر، يحتاج إلى هواء وإضاءة وأسمدة حتى يستطيع أن يجابه طبيعة الحياة.
الجميع يخاف من الانتظار، والانتظار يعني الصبر وقوة تحمل، ألم اللحظة والتعب والجهد والمعاناة، حتى تأخذ وقتها وتزول، وتصبح كأنها لم تكن.
كنت قبل فترة قصيرة مررت بوعكة صحية قلبت رأسي، كانت كحة قوية متواصلة، جعلتني لا أستطيع أن أضع رأسي على المخدة، حتى الساعة السادسة صباحاً، شعرت حينها أنني سأدخل في مرحلة الموت، فكل حركة أقوم بها، تزيد من حدة الكحة، قررت بعدها أن أذهب إلى أقرب صيدلية مفتوحة 24 ساعة، لأخذ دواء يشفيني منها. وبالفعل بعد أن شربت دواء الكحة، نمت نومة طويلة، صحوت بعدها وصدري خالياً منها، المعنى أن هذه الكحة احتاجت لأن تزول عملاً مساعداً لكي تغادر الصدر، وهذا العمل هو الدواء، أي إبعاد المعوق حتي يستطيع الجسد القيام بمهمته، وهي إبعاد الكحة.
حينما أقول لبعض الأشخاص احلموا، يقولون نحن نحلم، وهم لا يعرفون بماذا يحلمون؟ وحينما أقول لآخرين اشكروا واحمدوا الله على النعم التي عندكم، يقولون نحن نحمد ونشكر، المشكلة أن الجميع يتعاملون مع الشكر والثناء والحلم والرغبة من الخارج من الشفتين وليس من القلب.
كلنا يخاف الفقر، ويتصور أنه سيموت من الجوع، إذا ارتفع سعر مادة من المواد اليومية الضروية، متناسياً في هذه اللحظة المرعبة بالنسبة له، أن الشركات أو الحكومات أو الأشخاص، ليست لهم أية علاقة برزق الإنسان، حتى لو تصور إنسان ما، أنه سيقطع رزقك، فإنه لا يستطيع، لأن الأمر ليس بإرادته، وكلنا يخاف أن يتيتم أولاده، اذا ما مات، مع العلم أن مسألة الموت لا يقدر أن يمنعها الإنسان، لأنها لها علاقة بخالق هذا الإنسان.
حاولت ومازلت أحاول دائماً التأكيد على أن جملة الحمد لله، لا تقال باللسان، إنما من أقصى القلب، بحيث إذا قلتها بصوت عالٍ وبشكل طويل، تشعر أن صدرك يهتز، بذبذبات الصوت الخارج من الداخل، الحمد لله طويلة، باستطاعتها أن تزيح من صدرك كل الهموم التي تعاني منها، وهكذا في كل ما تقوم به من أعمال تحتاج إلى أن تحركها بذبذبات القلب. اعط الصداع فرصة وسيزول، اعط الفكرة الحلم الرغبة وقتها لتثمر.