كل ما تفكر فيه يفكر فيك، في نفس اللحظة، كل ما تزرعه تحصده في موسمه بالذات، كل ما ترغب به بقوة سوف يأتي إليك بكامل قوته، هذا ليس كلاماً لتسويق البرمجة العصبية اللغوية، وهو ليس إنشاء، بقدر ما هو نتاج أفكار فلاسفة العالم وتأملات الكهنة والصوفيين والمعلمين الروحانيين، وتجارب عملية عاشها الكثير من الناجحين في العالم.
لهذا، من يفكر في الخير يجد الخير أمامه دائماً مفتوح الأبواب، ويستقبله بحفاوة، ومن يفكر في الشر يرَ الشر يقدم له نفسه بلا تأخير.
ومن ضمن هذا التفكير، التفكير بالفقر والغنى، أو عقلية الوفرة والندرة، والتي طرحها الكثير من كبار كتاب ومحاضري تنمية الذات، ومنهم الكاتب ستيفن كوفي في كتابه العادة الثامنة، حيث أوضح أن «عقلية الوفرة هي أن تؤمن أن هناك فرصاً تكفي الجميع وخيراً يكفي الجميع في هذه الدنيا، فلست بحاجة أن تخسر أحداً أو تؤذي أحداً حتى تكسب أنت، فهناك خير يكفي الجميع، أما عقلية الندرة والشح فهي أن تؤمن أن الخير والفرص محدودة اللقمة، واحدة إما أن تأكلها أنت أو يأتي أحد غيرك يأكلها، ولابد أن يكون هناك واحد خسران فالحياة كلها صراع وتنافس».
والسؤال: أي عقلية يمكن أن تجعلك تعيش بهدوء وطمأنينة وسلام؟ عقلية الوفرة بالتأكيد فالخير موجود للجميع.
الذين يفكرون بعقلية الندرة:
* يخافون أن ينجح الآخرون.
* يخافون أن يمدحوا الآخرين.
* لا يشاركون في معلومات ولا معرفة، لأنهم يظنون أن غيرهم إذا نجح فهو خاسر.
* يخاف أن يعلم الناس كيف نجح وكيف تطور، بمعنى أنه يخاف أن يأخذ الناس مكانه.
الذين يفكرون بعقلية الوفرة:
* تجده هادئاً مطمئناً.
* لا تهدده نجاحات الآخرين، بل يطري على نجاحاتهم ويثني عليهم.
* يشارك الناس تجاربهم ومعرفتهم ومعلوماتهم.
باختصار، هناك شخصيات تفكر بعقلية «الوفرة» فترى كل شيء حولها متعدداً وكثيراً، وآخرون أشغلتهم «الندرة» فتجدهم في قلق دائم وتوتر.
ومن يفكر بعقلية «الوفرة» يرى دائماً أن الفرص كثيرة ومتكررة، أما من يفكر بعقلية «الندرة» فهو يرى أن ضياع الفرصة يعني ضياع مستقبله.
وغالباً ما يفكر الحاسد بعقلية الندرة، فهو ينظر إلى الفرص التي تأتي للآخرين، وكأنها الفرصة الأخيرة، أو أنها سبب في ضياع فرصته، فيبدأ بالحسد والبغض، بينما من يفكر بعقلية الوفرة فهو يسأل الله الرزق الوفير والبركة للجميع.
ومن يفكر بعقلية الندرة يظن أن نجاح الآخر هو تهديد له، فتجده يركز على المفقود، ويعيش في وحل اليأس والإحباط.
أما من يفكر بعقلية الوفرة، فهو يرى أن الفرص كثيرة وموزعة بالتساوي والعدل بين جميع البشر، ويركز على الموجود بالشكر والاستثمار، فيظهر له المفقود. إن من يفكر بعقلية الوفرة تجد الحياة والعمل معه متعة وطمأنينة فهو يسعى لمنفعة الجميع، بينما صاحب الندرة تجده يسعى لصالح نفسه وحسب، إنه أناني الطبع بخيل العواطف والعطايا.
وأحياناً وبلا أن نشعر قد نبدأ التفكير بعقلية الندرة، والحل هنا أن نرفع من مستوى روحانياتنا وإيماننا، لندرك أن الأرزاق قد وزعت بالعدل، ثم ندعو لأنفسنا وللآخرين بالبركة، وننشغل بالعمل لأنفسنا لا بالنظر بما لدى الآخرين، وهاتان العقليتان لا تنطبقان على عالم الأعمال فقط بل على كل مجالات الحياة.
كل شيء نتاج أفكارنا وأحلامنا وتصوراتنا، كل شيء هو نحن، فلا نلوم الآخرين أو الظروف على ما نحن عليه.
الآن ونحن نقرأ هذا الكلام، لنسأل أنفسنا، هل نحن مع عقلية الوفرة أو عقلية الندرة، لأن الجواب على هذا السؤال هو الذي يحدد نظرتنا الإيجابية أو السلبية للحياة.