غيرت الأكاديمية الأمريكية لعلوم الأطفال «American Academy of Pediatrics - AAP» مؤخراً من توجهها، إذ صرحت بأن الأطفال بين سن 18 شهراً إلى 24 شهراً يمكنهم التعرض إلى قدر محدود من الإعلام الإلكتروني في حال كونهم تحت إشراف ومشاهدة أحد أولياء الأمور. يعكس هذا التغيير ما تقوم به معظم العوائل بأي حال، فبينما كان الطفل يشاهد التلفاز بصورة منتظمة في حدود سن الرابعة، يبدأ الطفل اليوم بالتعرض لأبسط النغمات الموسيقية والتطبيقات التفاعلية وبرامج المحادثة والتواصل الاجتماعي منذ يوم مولده. هذا التوجه الجديد جاء ليتماشى مع الأدلة الجديدة التي تؤكد على أن الإعلام الإلكتروني والهواتف الذكية توفر فرصة جديدة للتعليم المبكر والتعرف على الأفكار والاستسقاء من المعرفة.
اختلف الزمان وصار الأطفال يستخدمون هذه الأدوات فائقة الذكاء لمساعدتهم على اكتشاف هذا العالم الكبير والمجهول بالنسبة لهم. أين كنا وكيف أصبحنا، كانت الحياة بسيطة جداً، كنا نشتري الصحف ونترقب حلول موعد الأخبار وأتذكر شغفنا لمتابعة برنامج «حول العالم» الذي كان يبثه تلفزيون البحرين. أما اليوم فالعالم وأخباره كلها في متناول الجميع وما هي إلا بضع لمسات على الهواتف الذكية لتصل إلى أي معلومة شئت. أسلوب أطفال اليوم في الحصول على المعلومات اختلف عما كبرنا عليه وتعلمناه في الماضي. اليوم يستطيع أياً كان الحصول على أي معلومة متى شاء. وأصبح الأطفال -حتى من الذين لم يبلغوا سن الروضة- من أبناء هذا الجيل خبراء في الهواتف الذكية والإنترنت، بل ونتعلم منهم كل ما هو جديد من التطبيقات التي تثير اهتمامهم. فعلى سبيل المثال لا الحصر، الأطفال في هذا الجيل اكتسبوا المهارات بالممارسة دون الحاجة إلى معلم، فهم يتعلمون المفردات اللغوية وتتكون لديهم حصيلة لغوية أكبر من الأطفال من نفس العمر في الأجيال السابقة، وتقنية المعلومات والاتصالات في تطور مطرد وقد فرضت علينا اليوم اللحاق بهذا الركب أو الجلوس في ظلمات الجهل. إلا أن الأكاديمية الأمريكية لعلوم الأطفال شددت في نفس الوقت بأن الاستخدام المفرط لهذه التقنيات على حساب انخراط الأطفال في التعاملات الاجتماعية وتعلق الأطفال بعائلاتهم ومجتمعاتهم وقيامهم بالأنشطة الرياضية قد يكون له أثر سلبي في قدرة الطفل على اكتساب مهارات التواصل وتكوين العلاقات الاجتماعية، كما قد يعرضهم للأمراض كقلة النوم والسمنة. لعل الأسلوب الأمثل لتجنب عدم الاستخدام المفرط وغير الصحيح من قبل الأطفال لهذه التقنيات هو أن نكون القدوة لهم وأن يكون استخدامنا لها الاستخدام الهادف والمتزن، والتقرير يمكن الاطلاع عليه من خلال الموقع:
http://pediatrics.aappublications.org/content/early/2016/10/19/peds.2016-2593
* باحث في مجالات إنترنت المستقبل – جامعة البحرين