لم يكن الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه غاضباً لأنه لم يصبح خليفة للمسلمين، لأنه كان يحترم الصحابي أبا بكر الصديق رضي الله عنه، ويقدر مكانته عند الرسول صلى الله عليه وسلم وراضياً بما قبل به الناس.
والحقيقة المؤكدة على محبة سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه لفاطمة الزهراء وآل البيت واضحة، فيما رواه أحد الصحابة ويدعى أسلم العدو - وفقاً لرواية الكاتب والمفكر الإسلامي الراحل عبدالرحمن الشرقاوي في كتابه الفاروق عمر - حيث قال «لما بويع لأبي بكر الصديق بعد النبي صلى الله عليه وسلم كان علي والزبير بن العوام يدخلان على فاطمة فيشاورانها، فبلغ عمر، فدخل على فاطمة وقال «يا بنت رسول الله، ما أحد من الخلق أحب إلينا من أبيك. وما أحد من الخلق بعد أبيك أحب إلينا منك وكلمها»، فدخل علي والزبير على فاطمة فقالت «انصرفا راشدين»، فما رجعا إلا بعد أن بايعا.
وهذا هو الذي حدث حقيقة على لسان أحد الصحابة ويتناسب مع روح وشخصية عمر بن الخطاب المحب للرسول الكريم وآل بيته.
لكن الصفويين حرفوا هذا الموقف وكتبوا روايات عن عمر بن الخطاب قائمة على الكذب، حيث زعموا أن عمر قال لفاطمة ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم «إذا اجتمع عندك هؤلاء النفر «أي علي والزبير بن العوام رضي الله عنهما» لأحرقن عليهما هذا البيت، لأنهما شقا عصا المسلمين بتأخرهما عن البيعة»، ثم خرج عن فاطمة، وعاد علي ومعه الزبير إليها، فقالت لهما فاطمة الزهراء رضي الله عنها «تعلمان أن عمر جاء لي وحلف بالله لئن أنتم عدتم إلى هذا البيت ليحرقنه عليكما، وإيم الله إنه ليصدقن فيما حلف عليه، فانصرفا عني فلا ترجعا إلي»، ففعلا ذلك، ولم يرجعا إليها إلا بعد أن بايعا».
وزعم بعضهم أن عمر ضرب فاطمة رضي الله عنها وهي حامل وأسقط ولدها محسن وهو في بطنها، رغم أن محسن بن علي بن أبي طالب توفي في عهد الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم.
وكل ما تم ذكره مما قاله هؤلاء الصفويون أكاذيب ملفقة. فهل من المعقول أن يصدر مثل هذا القول الجاف من عمر بن الخطاب الصادق المحب لآل البيت وأولهم فاطمة ابنة حبيبه في الله النبي الكريم، بل إنهم بذلك يطعنون في شخصية علي بن أبي طالب وكأنهم يتهمونه بالجبن والسكوت عن عمر بن الخطاب وهو الذي كان من أشجع الفرسان من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
إن الصفويين يكرهون الخليفة عمر بن الخطاب بسبب هزيمته لإمبراطورهم «يزدجرد بن شهريار أنوشروان» وزوال الإمبرطورية الفارسية على يد جيوش المسلمين أثناء خلافته.
وأسر قائد جيش المسلمين شهربان وابنة الإمبراطور يزدجر إلى الخليفة عمر، ورفض عمر أن تعتبر ابنة الإمبراطور من السبايا ومنحها للحسين بن علي لكي يتزوجها بعد إسلامها، فتزوجها وأنجب منها علي زين العابدين الذي لم يقتل في مذبحة كربلاء، ويذكر الكاتب التركي فوزي تتاكر أن الابنة الثانية، زوجها عمر إلى محمد بن أبي بكر الصديق، والثالثة إلى عبدالله بن عثمان بن عفان.
وهنا أطرح هذا السؤال الهام حول مصاهرة عمر بن الخطاب لعلي بن أبي طالب، هل كان من الممكن أن يقبل علي بن أبي طالب أن يكون عمر بن الخطاب زوجاً لابنته أم كلثوم لو كانت بينهما عداوة كما يدعي الصفويون في كتاباتهم الكاذبة؟!
وكان إقدام عمر على الزواج من ابنة علي بن أبي طالب أم كلثوم لهو أصدق دليل على الحب والوفاء والتقدير بين هذين الصحابيين الجليلين ومحبة عمر بن الخطاب لآل بيت النبي صلى الله عليه وسلم الذي أحبه وأخلص له وكان بجانبه دائماً في كل مراحل كفاحه من أجل نشر الدين الإسلامي.
قال عمر بن الخطاب لعلي بن أبي طالب وهو يخطب ابنته «والله ما على الأرض رجل يرصد من حسن صحبتها ما أرصد»، فقال على بن أبي طالب «قد فعلت»، وأنجبت أم كلثوم من عمر ابنة وابن، فسمت ابنتها رقية وابنها زيد، لكن زيد بن عمر بن الخطاب توفي في سن الشباب عندما حضر مشاجرة حدثت بين قوم من بني عدي بن كعب ليلاً، فخرج زيد بن عمر إليهم ليصلح بينهم، فأصابه أحدهم بضربة شجت رأسه ومات من فوره.. وحزنت أمه أم كلثوم رضي الله عنها، وتوفيت فوراً بعد وفاته، ودفنت بجانب ابنها. «للحديث بقية».