نواصل في الجزء الثاني من المقال حديثنا عن إشكالية الفساد الإداري وضرورة مواجهتها، ومن أهم مظاهر وصور الفساد الإداري عدم احترام الوقت، وامتناع الموظف عن أداء العمل المطلوب منه، والتراخي، وعدم الالتزام بتعليمات وأومر الرؤساء، والسلبية والنكوص، وعدم تحمل المسؤولية، وسوء استعمال السلطة، والمحسوبية، والوساطة، والرشوة، واختلاس المال العام، والاستيلاء على المال العام، والتبذير، والتفريط بالمال العام. كما أن الآثار السلبية للفساد الإداري كبيرة وعميقة ولها تأثير في الجانب السياسي والاقتصادي والإداري منها أن الفساد الإداري يؤدي إلى انعدام الكفاءة الإدارية في الأجهزة الإدارية في الدول النامية، ويساعد الانحراف الإداري المتفشي بين أجهزة الإدارة العامة في الدول النامية إلى هجر القيادات الإدارية وأصحاب الخبرات والكفاءات العلمية والفنية من الدول النامية إلى الدول المتقدمة والفنية، ويؤدي الانحراف الإداري في كثير من الأحيان إلى افتقاد أسس العدالة والموضوعية في تعامل الأجهزة الإدارية مع المواطنين، وتعمد الإساءة لشعورهم والسخرية منهم، وإيلامهم بطريقة تزيد من غضب المواطن ونفوره من هذه الأجهزة، وعدم ثقته بها، وعدم احترامه للنظام الإداري وتهربه من أداء التزامه نحوها، كما يساهم الانحراف الإداري في تعميق الفجوة بين الطبقات والجماعات الغنية، وبين الطبقات والجماعات الفقيرة في المجتمع، مما يؤدي ذلك إلى تزايد شعور طبقات الجماعات الفقيرة بالحرمان، وقد لا تجد أمامها سوى اللجوء إلى العنف والثورة على النظام القائم، وهذا الوضع مساعد على عدم الاستقرار السياسي. ويساهم الفساد الإداري في إضعاف المشاركة السياسية التي تقتصر فقط على الجماعات التي تملك الثروة وركائز القوة الاقتصادية، التي تمكنها من إقامة علاقات خاصة مع القيادات السياسية والإدارية. ومن المسلم به أن الآثار الاقتصادية كثيرة ومتعددة على مستوى الدولة أو المؤسسات أو الأفراد من تعطيل للنمو الاقتصادي، يتسبب في ضياع أموال الدولة التي يمكن استغلالها في إقامة المشروعات التي تخدم المواطنين، بسبب سرقتها أو تبذيرها، أو إنفاقها من قبل الدولة على أجهزة العدالة والضبط والرعاية الاجتماعية. ويؤدي الفساد إلى الإخفاق في جذب الاستثمارات الخارجية، وإلى هروب رؤوس الأموال المحلية، ويتسبب في هدر الموارد بسبب تعارض المصالح الشخصية مع المشروعات التنموية العامة، ويساهم الفساد في ارتفاع معدلات الجريمة ويخلق مجتمعاً تكون فيه المؤسسات النظامية، والقضائية والتنفيذية غير فاعلة، وفي الأنظمة الفاسدة يتمكن المحتالون وبسهولة من الهروب من العقاب، والفساد لا يؤدي إلى الجريمة السياسية والمؤسسية فحسب، بل هو مسؤول أيضاً عن تعزيز الجريمة المنظمة.

لذا يجب تهيئة الجهاز الإداري للدولة لتحقيق أهداف جديدة وهي أهداف خطة التنمية القومية المشتملة على برامج التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ورفع كفاءة وفاعلية الجهاز الإداري بصورة عامة عن طريق معالجة أسباب التخلف ومحاربة الفساد الإداري بكافة صوره ومظاهره. وللحديث بقية.