تأكيد المملكة العربية السعودية على أن الموقف الصادر أخيراً من مجلس الشيوخ الأمريكي والذي بني – كما جاء في التصريح المنسوب لمصدر مسؤول في الخارجية السعودية – على ادعاءات واتهامات لا أساس لها من الصحة ويتضمن تدخلاً سافراً في شؤونها الداخلية، هذا التأكيد يعني أن السعودية منتبهة إلى الغاية من الذي يحدث وما يحاك ضدها في الظلام. دليل ذلك تأكيد المصدر على «أن مثل هذا الموقف لن يؤثر على دور السعودية القيادي في محيطها الإقليمي، وفي العالمين العربي والإسلامي وعلى الصعيد الدولي» وأنها كانت ولا تزال تلعب دوراً ريادياً في العالمين العربي والإسلامي ولها مكانة خاصة في قلوب كل المسلمين مما جعلها ركيزة للاستقرار في منطقة الشرق الأوسط والعالم» وأنها «حجر الزاوية في الجهود الرامية لإحلال الأمن والسلم على الصعيدين الإقليمي والدولي»، وفي هذا رسالة واضحة للولايات المتحدة ولتركيا بوجه خاص أن المملكة تعرف جيداً الغاية من توظيف قصة مقتل مواطنها جمال خاشقجي والذي بسبب مبالغة تركيا في قصته صار العالم كله يعرف أن وراء الأكمة وراء، وأنها لهذا تؤكد «رفضها التام لأي تدخل في شؤونها الداخلية أو التعرض لقيادتها بأي شكل من الأشكال أو المساس من سيادتها أوالنيل من مكانتها».

تصريح المصدر المسؤول بالخارجية السعودية أكد أيضاً استغراب المملكة من مثل هذا الموقف الصادر من «أعضاء في مؤسسة معتبرة في دولة حليفة وصديقة تكن لها المملكة كل الاحترام، وتربط المملكة بها روابط استراتيجية سياسية واقتصادية وأمنية عميقة، بنيت على مدى عشرات السنين لخدمة مصالح البلدين والشعبين» فمثل هذا الأمر مستغرب من مؤسسة كهذه في دولة تعلم جيداً «حرص المملكة على استمرار وتطوير العلاقات مع الولايات المتحدة الأمريكية».

ورغم أن المملكة العربية السعودية لا تعير في العادة مثل هذه الأمور اهتماماً إلا أنها وجدت أن من المناسب أن تذكر بأنها «تتمتع بدور قيادي في استقرار الاقتصاد الدولي من خلال الحفاظ على توازن أسواق الطاقة على نحو يخدم مصالح المنتجين والمستهلكين على حد سواء» وأنها «صاحبة إسهامات في قيادة الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب في الميادين العسكرية والأمنية والمالية والفكرية، وكان لها بالغ الأثر في دحض التنظيمات الإرهابية مثل داعش والقاعدة وغيرهما وحماية أرواح العديد من الأبرياء حول العالم عبر تأسيسها وقيادتها التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب ومشاركتها الفاعلة في التحالف الدولي لمحاربة «داعش» بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية» وأنها «تتخذ موقفاً حازماً إلى جانب الولايات المتحدة الأمريكية في مواجهة النشاطات الإيرانية السلبية عبر حلفائها ووكلائها التي تهدف إلى زعزعة استقرار المنطقة»، وهذا التوضيح يعني أن المملكة واعية تماماً لما يجري وما يحاك ضدها والذي ملخصه محاولة تركيا إضعاف المملكة أملاً في أن تقود هي المنطقة، وهو ما لا يمكن أن يحدث لاعتبارات كثيرة منها المشاركات الفاعلة للمملكة في مختلف الميادين ومثالها محاربة داعش، والموقف القوي من الممارسات الإيرانية الرامية إلى زعزعة استقرار المنطقة.

مجلس الشيوخ الأمريكي وغيره من المجالس في الولايات المتحدة وخارجها لا تستطيع مهما فعلت إضعاف دور المملكة العربية السعودية والتأثير على قيادتها للمنطقة، فالسعودية وجدت لتقوم بهذا الدور الذي لا يمكن لتركيا وإيران أن تقوما به، والأكيد أن الولايات المتحدة تدرك أنه «إذا وجد الماء بطل التيمم» وأن تركيا وإيران لا تدخلان حتى في نطاق التيمم.

ما قام به مجلس الشيوخ الأمريكي كان رسالة خاطئة لا يستفيد منها إلا الذين يريدون إحداث شرخ في العلاقات السعودية الأمريكية، وما صرح به المسؤول السعودي كان رسالة مهمة يفترض أن الولايات المتحدة فهمتها جيداً، فهي المتضرر الأكبر من ذلك.