العالم الافتراضي أصبح واقعاً اليوم، وقد استطاع «بفضل فيروس» أن يفرض نفسه مكتسحاً وعابراً للقارات بعد أن كانت جميع الدول والأنظمة تتغاضى عن حسنات هذا العالم المستحدث، والذي كانت الدراسات والتقنيات تنادي بوجوب الاستفادة من خدماته منذ سنوات إلا أن الآذان كانت مشغولة بما يشغلها آنذاك، ولكن صيته قد ذاع بعد ظهور فيروس وزنه لا يمكن مقارنته مع أوزان تلك الدراسات والأبحاث. هذا هو الواقع الذي فرضه علينا «كورونا»، فهل يجب على التحول الإلكتروني أن يشكر هذا الفيروس على مساعدته في البزوغ أخيراً؟

وبالحديث عن المشهد التعليمي في ظل جائحة «كورونا»، يتساءل الجميع، هل سيحل التعليم الإلكتروني كبديل مستقبلي للتعليم التقليدي؟ وهل التحولات التي حققتها هذه الأداة أمر مستدام بالرغم من التحديات التي تواجه المعلم والطالب؟ وماهي السيناريوهات المتوقعة للتعامل مع مستقبل التعليم والتعلم ما بعد «كورونا»؟

كثيرة هي الأسئلة التي تتخذ لنفسها مسارات لا متناهية في أذهان البشرية التي عاصرت حالة الطوارئ هذه في جميع القطاعات ولا سيما قطاع التربية والتعليم، وفريق البحرين لم يتوان في شحذ هممه وعزمه في خدمة الوطن من خلال انخراطه الفعال في إنتاج الموارد الرقمية كبديل حضاري استعجالي للتعليم الحضوري وذلك ليتماشى مع التدابير الوقائية للحد من تفشي الظاهرة داخل المدارس والجامعات في مملكة البحرين، وذلك من خلال توفير محتوى إلكتروني، عرض الدروس متلفزة ونشرها في الشبكات الإلكترونية، الوعي المشترك بأهمية التعليم الإلكتروني في مثل هذه الظروف من قبل الأستاذ والطالب والمؤسسات المشرفة على العملية التعليمية المستحدثة وتفعيل التواصل والحوار بين هذه الأضلاع الأساسية، بالإضافة إلى استحداث الدورات التكوينية لتحسين مستوى استعمال هذه المنصات. أؤمن بأن كل ما تم استحداثه في فترة قياسية سوف يشكل أساساً متيناً للعملية التعليمية لما بعد الجائحة، فالتكنولوجيا جعلت من استدامة التعليم أمراً ممكناً حيث إنها قربت البعيد وعلمت الطالب وصقلت مهارات المدرس وطورت من الأساليب التدريسية، فشكراً لفريق البحرين وللمدرس وللطالب ولأولياء الأمور الذين أحيوا التعليم وارتقوا به وأصبحنا مثالاً يحتذى به للدول الأخرى في مجالات التعليم الإلكتروني وبروتوكولاتها.

* عضو هيئة التدريس بجامعة البحرين