للمواطن -أيّاً كان موقعه- الحقُّ في معرفة تفاصيل كيفية إدارة مجلس الإدارة لصندوق التقاعد باعتبار المواطن مساهماً فيه.

هذا أولاً؛ وثانياً، لا يمكن لأحد أن يسلبه حقّ المعرفة والاطلاع، ولا يُعتبر طَلَبُ المعلومة تعدّياً أو فعلاً مُداناً، فكلّ نقاش وحوار وكتابة تدور حول الصندوق هو حقُّ مشروع للجميع، بل له أن يُطالب بتحقيق تفصيلي عن كيفية إدارة الصندوق.

ثالثاً، ينوب عن المواطن سعادة السادة الأفاضل النواب المنتخَبون في استخدام الأدوات الرقابية المُتاحة لهم والتي تمنحهم الحصانة التامّة والصلاحيات التامّة لطلب أيّ معلومة أو مستند متعلّق بموضوع التحقيق، لأنه يَحقّ للنواب تشكيل لجان التحقيق.

هذه حقائق مفروغ منها لم يتطرّق أحدٌ لها، ولم يُطالب أحد بمنعها، لأنه باختصار لا يَحقّ له ذلك، وما نُطالب به ومازلنا متمسّكين به هو حقّ الاطلاع على نتائج التحقيق وتقديم الأدلة والبراهين على تلك النتائج حتى يكون الرأي العام عوناً لأيّ طرف يسعى للحفاظ على الأموال العامة.

رابعاً، للمواطن أن يُناقشَ ويعترضَ على طريقة إدارة الصندوق على القرارات التي سنَّها مجلس الإدارة على أوجه صرفه على استثماراتها... إلخ، لكن حين يَطرح مَن يُحقق في موضوعها رقماً محدّداً ويتّهم أيَّ طرف بأن هذا الرقم تمّ صرفه دون وجه حق فلابد أن يُقدِّم الدليل لنا على وجود مثل هذا الرقم وعلى قرار الصرف.

ما نُطالب به حتى لا تكونَ فوضى ألا نُرسل الاتهامات دون دليل ودون بيّنة حتى تتبيّن نتائج التحقيق، وهذا ما نقوم به في كلّ مرة، لأننا نريد أن نُثبت أعرافاً وتقاليدَ تقوم على أسس العدالة في التقاضي وفي إجراء التحقيق أياً كان موضع التحقيق.

وأَستغربُ حقيقةً مِن الذين اعترضوا على طَلَبِنا «البيّنة» و«الدليل»، وطَلَبِنا محاسبة من يُلقي بالتّهم جزافاً دون دليل، لأننا بحاجة لتكوين رأي وحُكم عادل قدر استطاعتنا، فهذه أول مرّة أسمعُ أن هناك من يعترض على طلب الدليل على الاتهامات بشكل عام!!

طَلَبُ الدليل والبُرهان والبيّنة حقٌّ لا يُمكن التنازل عنه في قانون الإنسانية والعدالة بشكل عام، طَلَبُ البيّنة نحن أحوج ما نكون له كمواطنين، وإلّا سيحقّ لأيّ جهة أو فرد يوماً ما اتهامنا كأفراد وسيصبح الاتهام حُكمَ إدانة بحدّ ذاته، لأن جهةَ الاتهام غير مُطالَبة أن تُقدّم الدليل، يكفينا أن تقولَ الجهة أنا لجنة تحقيق أو أنا وزير، أو أنا مسؤول رفيع المستوى، فلا أُلزم بتقديم الدليل، فلك أن تتخيّلَ أن تُدانَ باتهامات لا أساسَ لها لأن القانون لا يُلزم المدعي بتقديم البيّنة.

أمّا أن يكون طَلَبُ البيّنة انتقائياً، فتلك بدعة جديدة، بمعنى إذا أعجبني الاتهام وسار على هوايَ فلا أحتاجُ إلى بيّنة، وإذا أضرّني الاتهام وخالفَ هوايَ فأُطالِب بالبيّنة؟ هكذا أصبحتْ العدالة تسير على هوى ما يطلبه المتّهمون!!

خلاصة القول؛ نحترم السادة النواب ونقدّر جُهدهم ونُطالبُهم بالإعلان عن نتائج التحقيق بالتفصيل.

وللتذكير؛ لأنّ ذاكرتنا ضعيفة، قبل عام من اليوم بالتحديد في فبراير 2021 تَشكّلت لجنة تحقيق ورَأَسَها النائب الفاضل إبراهيم النفيعي، وهذا التصريح منشور في الصحافة لرئيس اللجنة عن اختفاء 900 مليون دينار، تذكرونه؟

«كشف رئيس لجنة التحقيق النيابية في استثمارات صناديق التقاعد النائب البحريني إبراهيم النفعي النقاب عن وجود تباين كبير بين الأرقام التي سلمتها الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية وبين الأرقام المدققة لحسابات الهيئة.

وأعلن أن الفروقات بين ما قدمته الهيئة وبين الأرقام المدققة تصل إلى 898 مليون دينار.

إذ أوردت التأمينات أرقاماً عن صافي الموجودات عن العام 2018 بقيمة إجمالية تبلغ 2.930 مليار دينار.

بينما الموجود في الحسابات المدققة للهيئة أن صافي الموجود عن ذات العام 3.828 مليار دينار». انتهى الخبر

ثم جاء ردُّ الهيئة حينها ونُشر:

«تود الهيئة العامة للتأمين الاجتماعي أن توضح ما يلي حول ما نشرته صحيفة البلاد من تصريح لسعادة النائب إبراهيم النفيعي:

أولاً: لا يوجد تباين بين الأرقام أو فروقات بالمبالغ حيث يبدو أن ما تم عقده من مقارنة كانت غير سليمة بتاتاً بين الحسابات الختامية المدققة للسنتين الماليتين 2017 و2018 وبين الأرقام المدققة بشأن الوضع الإكتواري للسنتين الماليتين ذاتهما، حيث إن الفرق هو بيانات حساب صندوق التأمين ضد التعطل التي شملها التقرير الأول ولم يشملها التقرير الثاني الخاص بالوضع الإكتواري وهو أمر سليم من النواحي الفنية والمحاسبية.

ثانياً: وحول ما تمَّ نشره بشأن استفسار لجنة التحقيق البرلمانية عن التفاوت في الأرقام وعدم استلام رد الهيئة، فقد طرح أعضاء لجنة التحقيق السؤال ذاته خلال اجتماعهم بالهيئة، وقام سعادة رئيس مجلس الإدارة بالرد على الاستفسار وتوضيح ذلك، وقامت اللجنة بعد ذلك بإرسال الخطاب المتضمن استفسارات اللجنة للمزيد من التوضيح بتاريخ 2 فبراير 2021 ولم تتجاوز الهيئة المهلة القانونية لتزويد اللجنة بردودها حسب ما تمَّ ذكره».

وبس والله...