وأخيراً فُتِحَ باب «الجهاد الأزرق» هل سمعتم به من قبل؟

حين يُجَنَّدُ شخص عيونه زرقاء وشعره أشقر للدفاع عن ظلم في مكان ما، لا هو بلده ولا ينتمي لجنسيته ولكن ربما ينتمي لعرقه أو للونه، فهو يسمى «تطوعاً» أما حين يتبنى آسيوي أو عربي هذا الموقف فهو مجاهد إرهابي.

التصنيف هنا حسب لون الجلد، مسموح لك إذا لونك أبيض شعرك أشقر عيونك زرقاء، ممنوع عليك إن كنت أسمر وشعرك أسود أجعد وعيونك سوداء!

كيف لهذا العالم أن يعطي لنفسه الحق بتقييمنا وتدريسنا بل بمعاقبتنا إن نحن مارسنا التمييز أو عدم المساواة أو الانتقاص من حقوق الإنسان، ونحن نرى سوءته وهو عارٍ من كل زيف، حتى أنه لا يبالي أن يخصف عليه ورقاً ليداري بها سوءته؟

مراسلون أوربيون لقنوات تلفزيونية شهيرة يصرحون علناً وبكل صفاقة عن تمييزهم للإنسان الأوروبي عن الإنسان العربي أو الأفغاني فالتغراف البريطانية كتبت «إنها حرب ضد أناس أوروبيين يشبهوننا ويستخدمون النتفلكس والانستغرام، وليست حرباً ضد بلاد بعيدة وفقيرة».

الإعلام الفرنسي «نحن لا نتحدث هنا عن سوريين بل عن أوروبيين مثلنا يحاولون النجاة بحياتهم».

مراسل السي بي اس «أوكرانيا ليست العراق ولا سوريا ولا أفغانستان، هذا بلد متحضر ودولة أوروبية ولا يصح أن يحدث فيها مثل هذا».

وأحد المسؤولين «أنا متأثر جداً وأنا أشاهد أوروبيين ذوي عيون زرقاء وشعر أشقر يُقتَلُونَ يومياً».

رئيس وزراء بلغاريا يقول، اللاجئون الأوكرانيون ليسوا اللاجئين الذين اعتدنا عليهم إنهم أوروبيون مثقفون ومتعلمون ولا يملكون ماضياً غامضاً كأن يكونوا إرهابيين».

هل التمييز له وصف آخر غير هذا؟ هل تم اختراع توصيف للتمييز جديد ولم نسمع به؟ أيحق لهذا الغرب الأوروبي أن يقيمنا ناهيك أن يصدر أحكاماً ضدنا؟

ثم نأتي للتناقض في المواقف ومن أبرز صورها التي ظهرت ونحن في الأيام الأولى لهذه الحرب في الرياضة حيث تم قبول إقحام السياسة في الرياضة وقد كانت إلى الأمس محرمة عليها، فيعاقب أي لاعب يعبر عن رأيه السياسي في الملاعب حتى وقت قريب، فإذا بالتعبير مسموح ويصفق له، وإذا بالعقوبات توضع بناء على المواقف السياسية لا بناء على المخالفات الرياضية، فتشطب أسماء وتوقف مباريات وتمنع منافسات.

بعد ذلك نأتي للشركات العملاقة عابرة الحدود فتسخر لخدمة أهداف سياسية كشركة سبيس إكس التي وفرت الإنترنت المجاني لتزويد أوكرانيا بها بعد مناشدة وزير المعلوماتية لايلون ماسك صاحب الشركة.

كل الممنوعات رُفِعَ عنها القلم وكل ما كانوا يحاسبوننا عليه سمحوا به وكما قلنا مازالت الحرب في أيامها الأولى وكشفت لنا كل هذا القبح فماذا سنرى في الأيام القادمة؟

إنما هي رسالة لمن كان يرى في كل ما هو غربي ذهباً يلمع ويحاول أن يرضيهم أو يعجبوا به ويمنحوه شهادة التحضر ربما هذه فرصة أن يرى الحقائق ويعيد النظر بهويته وقيمه ومبادئه العربية والإسلامية ويعيد تقييم نفسه ويمنحها بعضاً من التقدير.