يبدو هذا حال الوالدين عندما يصبحون في مواجهة صعبة مع مسؤوليّتهم تّجاه أبنائهم المراهقين، عندما لا يستطيعون تحمّلهم ولا يعرفون كيف يتعاملون معهم، فيرون أنفسهم فجأةً أصبحوا متورطين بهم وبأفعالهم المتهورة التي ترهقهم وتسيء لسمعتهم، وقد تعود أفعالهم لأسباب كثيرة، قد تكون من فترة الطفولة بسبب قصور الوالدين في جانب التربية على القيم والأخلاق أو إهمالهم لأبنائهم مما يخلق عندهم نقص الثقة بالنفس وضعف الشخصية وبعض الأمراض النفسية أو التّعطّش العاطفي وهذا هو السّبب الأكثر شيوعاً في مجتمعاتنا.

فيصبح الوالدان كالغارقين الذين يتمسكون بالقشّة المنقذة لهم، وطبعاً يأتي ذلك الاقتراح المتخلّف والذي مازال متوارثاً عبر الأجيال وهو الزواج فتصبح الزوجة في الغالب بمثابة القشة المنقذة.

وكم سمعنا كلمةً ردّدتها الأمهات «زوجوه وسوف يعقل» عندما تخاف الأم على ابنها من الانحراف والانحلال الأخلاقي، أو أنها تتعب من مسؤولية ابنها وهمومه!! فالحل الأسهل بالنسبة لها حتى تنهي معاناتها هو أن تبحث لابنها عن بنت الحلال التي ستصبح ضحيته، والتي سيكمل عليها ممارسة أفعاله المنحطّة، وبعد أن «يقع الفاس بالراس» وتنجب منهُ الأطفال، ترى الزوجة نفسها متورطة بذلك الذكر الذي هو ليس بالزوج الصالح ولا بالأبّ المسؤول!! وهنا تبدأ الزوجة بالمعاناة، فإمّا أن تختار إكمال حياتها معه بتعاسة وشقاء وإمّا أن تنفصل عنه ومن خلفها عدد من الأطفال، وبالتالي في كلا الحالتين وفي الغالب يتم تخريج أبناء غير صالحين في جو تلك الأسرة المشتّتة والمفتقرة للتربية السوية والحب والأمان، وهي من العناصر الضرورية لصلاح الفرد واستقامته.



ونادراً ما نجد الأم القويّة والحكيمة التي تعوّض أبناءها غياب الأب ومسؤوليته، والتي تدرك أن الأبناء لا ذنب لهم في القصّة الفوضويّةِ تلك، وأن من حقهم الحصول على الحب والاهتمام والتربية السليمة، فتقوم هي بدور الأم والأب من الناحية التربوية وتعوّضهم عن غيابه في حياتهم وتتحدى نفسها من أجل عدم استنساخ أبنائها لقصّة والدهم.

فأنا أكتب اليوم للأمهات اللاتي مازلن يرين فكرة تزويج أبنائهن هو الحل، وأقول لهن عالجنهم قبل تزويجهم، فالزواج ليس مركزاً للتأهيل وإعادة تربية أبنائكن.