أيمن شكل


أكد علماء دين أن الأحاديث القدسية تأتي في المرتبة الثانية بعد القرآن الكريم، إلا أنها لا تتميز بالإعجاز ولا يُتعبَّد بها، وأنها كلام من الله تعالى لكنها مُنزلة بمعناها فقط، أما الحديث النبوي فيكون من الرسول صلى الله عليه وسلم، مخاطباً به الناس والمؤمنين، للتعرّض لقضية أو موقف معيّن، بينما الحديث القدسي يكون غير مرتبط بحدث أو واقعة.

ولفت الشيخ عبدالله المناعي إلى اختلاف أهل العلم في لفظ الحديث القدسي ومعناه والإعجاز فيه، مشيراً إلى أن أكثرهم قد اتفقوا على أنَّ الحديث القدسي معناه من عند الله عز وجل، ولفظه من عند النبي صلى الله عليه وسلم، وعلى هذا لا يكون لفظ الحديث القدسي معجزاً.

وحول الفرق بين القرآن الكريم والحديث القدسي أوضح المناعي أن الحديث القدسي نصٌّ إلهي يأتي في المنزلة الثانية بعد القرآن الكريم؛ لأن الاعتبار في شأنه ما أتى به من معانٍ دون النص أو اللفظ، أما في القرآن الكريم فاللفظ والمعنى محلّ وجوب.


وأشار إلى فرق آخر بين القرآن الكريم والحديث القدسي، هو أنَّ القرآن قد نزل به جبريل -عليه السلام- وورد في القرآن ما يؤكد عجز الإنسان عن الإتيان بسورة من مثله، بينما الحديث القدسي هو إخبار الله تعالى نبيه -صلى الله عليه وسلم- معناه بإلهام، أو في المنام، فأخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- أمته عن ذلك المعنى بعبارة نفسه، وسائر الأحاديث لم يضفه إلى الله تعالى، ولم يروه عنه.

وأكد المناعي أن الحديث القدسي مُنزل بمعناه فقط، بحسب ترجيح العلماء؛ لأنه لو كان مُنزلاً بلفظه لكان له من الحُرمة والقدسيّة في نظر الشرع ما للنصّ القرآني، وقال إن القرآن تميّز بالتحدي في أسلوبه، وأنه يُتلى للتَعبُّد بتلاوته، لكن الحديث القدسي لم يُنزل للتحدّي ولا للتَعبُّد، بل لمجرّد العمل بما فيه، وهذه الفائدة تحصل بإنزال معناه.

وبيّن أن إسناد الحديث القدسي إلى الله عادةً ما يأتي بصيغة «يقول الله تبارك وتعالى.. (وقال إن ذلك يبيّن فسحة المجال بأن المقصود هو مضمونه وليس ألفاظه).

من جانبه، أوضح الشيخ علي النجار أن الحديث القدسي يكون من الله إلى سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم- مباشرة عن طريق الإلهام، أي أن الله تعالى يُلهم الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، أما الحديث النبوي فيكون من الرسول مخاطباً به الناس والمؤمنين، للتعرّض لقضية أو موقف معيّن، بينما الحديث القدسي يكون غير مرتبط بحدث أو واقعة.

وأشار إلى أن الأحاديث القدسية شأنها شأن الأحاديث النبوية تستوجب على المؤمن العمل بها، أما القرآن فهو تنزيل على رسول الله من خلال الوحي الذي يأتيه بكلام الله -تعالى-، ويكون في صيغة قرآن يُتلى.

يُذكر أن الأحاديث القُدسيّة تُعدّ قليلة بالنسبة لعدد الأحاديث النبويّة؛ حيثُ تبلغ حوالي مئتي حديث، وجاء عن المُحقّق أحمد بن حجر الهيثميّ عند شرحه للأربعين النوويّة أنّ عدد الأحاديث القُدسيّة أكثر من مئة حديث، وبعض أهل العلم أوصلها إلى أكثر من ذلك، وجمع المُحدّث المناويّ في كتابه الإتحافات السنيّة بالأحاديث القدسيّة مئتين واثنين وسبعين حديثاً، وذكرها من غير إسناد، وقد قام عددٌ من الِلّجان باستخراج الأحاديث القُدسيّة الموجودةُ في الكُتب السّتة والموطّأ، وبلغ عددُها مع المُكرّر منها أربعمئة، ومن غير المُكرّر حوالي مئة وثلاثين حديثاً، وقد جاء عن الإمام النوويّ -رحمه الله- أنّها تساوي خمسةً وتسعين حديثاً في الكُتب السّتة، وأمّا ما يُذكر في غيرها من كُتب الحديث فهي قليلةٌ جداً.

وذهب بعضُ المُحدّثين إلى القول بمحدوديّة عددها وأنّها لا تتجاوز المئة، أو قد تزيد قليلاً، وأمّا ما ذكره المناوي بأنها 272 حديثاً؛ فذلك لأنّ أكثرها غيرُ صحيح.

وقال علي القاريّ عند شرحه للأربعين النوويّة: «إنّ عدد الأحاديث القُدسيّة أكثر من مئة، وذكر في كتابه الأحاديث القُدسيّة والكمالات الأنسيّة أربعين حديثاً قُدسياً، وجاء في كتاب الأحاديث القُدسيّة الذي أصدره المجلس الأعلى أنّها تبلُغ أربعمئة حديث مع المُكرّر، وأمّا مع حذف المُكرّر منها فإنّها تبلُغ مئةً وثمانية وستين حديثاً، وأمّا لجنة القُرآن والحديث فبيّنت أنّها لا تتجاوز في الواقع 54 حديثاً».