حث وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا، حلف شمال الأطلسي (ناتو) على عدم السماح لروسيا ببسط نفوذها في البحر الأسود، وسط توترات يقول منتقدو الكرملين إنها من ملامح خطة موسكو لفرض سيطرة فعلية على المنطقة الأوسع.

وقال كوليبا، في بيان لمجلة "نيوزويك"، الأميركية، إن المناقشات حول البحر الأسود كانت أساسية لتوسيع تعاون كييف مع الناتو، وهي كتلة كانت أوكرانيا تضغط للانضمام إليها منذ أن أطاحت ثورة عام 2014 بحكومة موالية لروسيا.



وعلى خلفية تصاعد التوتر بين الناتو وموسكو، قال كوليبا إن كييف لا تتوقع اندلاع أعمال عنف خطيرة بشكل مفاجئ في البحر الأسود"، مضيفاً: "أعتقد أن روسيا مستعدة لتصعيد بعض التوترات المحلية في منطقة البحر الأسود، لكنني لا أراها انتحارية".

وتابع: "قد يضربون ويستفزون هنا وهناك. لكن روسيا لن تخاطر بمواجهة واسعة النطاق مع الناتو، مدركة بوضوح أنه ليس لديها فرص للنجاح فيها".

وأردف: "في محادثاتنا مع حلف شمال الأطلسي نحن صريحون للغاية بشأن هذا، إذا استمرت الأمور على ما هي عليه، فهناك خطر من أن تزيد روسيا سيطرتها بشكل كبير على البحر الأسود وتوسع نفوذها في المنطقة، وهو ما يعني تهديدات متزايدة لأمن واستقرار أوكرانيا وحلفاء الناتو هناك". ومضى قائلاً: "الأمر المقلق أيضاً هو محاولات موسكو تعطيل طرق التجارة وتقييد حرية الملاحة".

وأشار كوليبا إلى أنه عرض مسألة البحر الأسود بشكل مكثف في مناقشاته مع أعضاء الناتو، مضيفاً: "أطرح هذه المسألة في كل لقاءاتي مع كل من حلفاء الناتو في منطقة البحر الأسود ورومانيا وتركيا وبلغاريا، وفي مقر الناتو في بروكسل".

وزاد: "بشكل تدريجي، أراهم يسمعون أوكرانيا عندما نطلق التحذيرات. أمور كثيرة تم إنجازها بعد فوات الأوان في عام 2014"، معرباً عن أمله في "عدم تكرار هذه الأخطاء، والتصرف بشكل مختلف مع الفهم الكامل لنوايا روسيا".

وأقر كوليبا بأن "روسيا تتمتع بموقع متميز من الناحية الاستراتيجية في شبه جزيرة القرم المحتلة مؤقتاً"، مضيفاً: "لذلك، إنه أمر بالغ الأهمية بالنسبة لنا ألا تتكرر تجربة منطقة بحر آزوف في البحر الأسود"، في إشارة إلى المسطح المائي بين شبه جزيرة القرم وروسيا الذي أصبح بشكل متزايد تحت سيطرة موسكو منذ ضم شبه الجزيرة.

وقال كوليبا "نحتاج إلى تعزيز التعاون بين البحرية الأوكرانية والبحرية التابعة لحلفاء الناتو في البحر الأسود".

وأعرب وزير الخارجية الأوكراني عن ثقته بأنه "لا يمكن لشيء أن يعرقل تدريب نسيم البحر": مضيفاً: "ما تحاول روسيا فعله الآن هو أن تلعب لعبة استعراض عضلات تظهر أنه بغض النظر عن مقدار تدريب الآخرين، هم فقط على استعداد للعمل في المنطقة".

وشهدت الأسابيع الأخيرة مواجهات متوترة بين سفن حربية تابعة لحلف شمال الأطلسي والقوات الروسية في البحر الأسود.

والخميس، نفذت سفن حربية روسية تدريبات بالذخيرة الحية في البحر الأسود، حيث "تعقّبت" موسكو فرقاطة إيطالية، في وقت تجري أوكرانيا والولايات المتحدة ودول حلف شمال الأطلسي (ناتو) تدريبات عسكرية في المنطقة ذاتها.

ويأتي ذلك بعد تصاعد التوتر بين حلف الناتو وموسكو، إذ أعلنت الأخيرة الأسبوع الماضي، أنها أطلقت طلقات تحذيرية ووضعت قنابل، في مسار المدمّرة البريطانية "إتش إم إس ديفندر"، لإخراجها من مياهها الإقليمية قرب شبه جزيرة القرم، التي ضمّتها روسيا من أوكرانيا في عام 2014.

ووفقاً للمجلة، حذر مراقبون منذ فترة طويلة من مخاطر التصعيد العرضي في البحر الأسود، الذي يعد قناة حيوية لتجارة النفط والغاز الروسي، وإسقاط القوة العسكرية لموسكو في البحر الأبيض المتوسط وحول السواحل الأوروبية.

وأشارت المجلة إلى أن البحر الأسود يمثل أيضاً جبهة أخرى في الصراع الروسي الأوكراني المستمر، إذ تواجه موسكو اتهامات بمحاولة "تقييد التجارة" الأوكرانية، وحرية الملاحة في المنطقة، وهي وسيلة أخرى لتقويض الحكومة المناهضة للكرملين في كييف، التي تقاتل القوات المدعومة من روسيا في شرق أوكرانيا.