قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في افتتاح مؤتمر لمساعدة الشعب اللبناني، يهدف لجمع 350 مليون دولار، إن فرنسا ستقدم مساعدات طارئة بأكثر من 100 مليون يورو للبنان، مشيراً إلى أنها سترسل نحو نصف مليون من لقاحات كورونا.

وشدد على أنه "لا يوجد شيك على بياض للبنان"، مؤكداً أن الأزمة ليست قضاء وقدراً، بل نتيجة نظام سياسي يعاني خللاً وظيفياً، مشيراً إلى أن الأولوية ما زالت تشكيل حكومة لتنفيذ الإصلاحات.



وأضاف: "سنشارك في عملية إعادة مرفأ بيروت وسنضاعف المساعدات إلى الشعب اللبناني عبر المنظمات.

وأكد أن السياسيين اللبنانيين مطالبون بإظهار الحقيقة لشعبهم في ما يتعلق بالتحقيقات بشأن انفجار مرفأ بيروت الذي أودى بحياة نحو 200 شخص.

وتابع ماكرون أن "المسؤولين اللبنانيين يراهنون على ما يبدو على اهتراء" الوضع مع تعطيلهم تشكيل حكومة جديدة منذ أشهر واعتماد إصلاحات، مهدداً مجدداً بفرض عقوبات عليهم.

واعتبر ماكرون هذه الخطوة "خطأ تاريخياً وأخلاقياً. ويجب ألا تساورهم أي شكوك حول عزمنا"، مشيراً إلى أن "قيوداً" فرضت في حقهم. وأضاف أن "الأزمة التي يشهدها لنبان لم تكن حتمية بل أتت نتيجة إفلاس شخصي وجماعي".

وفي السياق، أعلن الاتحاد الأوروبي تخصيص 5.5 مليون يورو كتمويل إنساني لمساعدة لبنان على مكافحة الوباء، وتعزيز عملية التطعيم وتلبية احتياجات الصحة النفسية، مؤكداً مواصلة الوقوف إلى جانب الشعب اللبناني.

من جهته، جدد الرئيس اللبناني ميشال عون التزامه بتحقيق العدالة وبمحاسبة المتورطين عن انفجار مرفأ بيروت، وقال في حسابه على تويتر: "سنة مرت على الكارثة التي ضربت قلب بيروت، ولا تزال جرحاً نازفاً في وجدان كل اللبنانيين، ولا يزال السعي إلى الحقيقة وإحقاق العدالة الكاملة مطلباً لكل لبناني، وحقاً بديهياً، خصوصاً لمن أصابته الخسارة في الصميم، أهالي الضحايا الذين سقطوا في ذلك اليوم المشؤوم".

وأضاف: "سبق والتزمت أمام اللبنانيين بتحقيق العدالة وبمحاسبة كل من يثبت التحقيق تورطه، وأكرر التزامي اليوم، وأؤكد أن لا أحد فوق سقف القانون مهما علا شأنه، وليذهب القضاء إلى النهاية في التحقيق والمحاكمات، حتى تبيان الحقائق وتحقيق العدالة المنشودة".

وأشار إلى أنه "لا تزال التداعيات المدمرة تنعكس على جميع المستويات الإنسانية والاجتماعية والاقتصادية والصحية والتربوية، "فتُفاقم الأزمات التي تعصف بوطننا". وقال: "لم يعد بمقدور لبنان انتظار الحلول الإقليمية والكبرى بينما يشهد أصعب أوقاته"، مع وجود "معدل غير مسبوق للفقر وجائحة كوفيد 19 ونقص حاد في الأدوية، ناهيك عن العبء الثقيل للنزوح السوري، والحصار المفروض حولنا والذي يحرم لبنان من مداه الحيوي".

وأكد الرئيس اللبناني أن إعادة التشغيل الكامل لمرفأ بيروت "هو ضرورة ملحة ولبنان يرحب بأي جهد دولي في هذا الإطار".

ويغرق لبنان في واحدة من أسوأ الأزمات الاقتصادية منذ ما قبل الانفجار المدمر الذي أودى بحياة أكثر من 200 شخص، في وقت لا تزال الأزمة السياسية على حالها، إذ لم يشكل الساسة بعد حكومة قادرة على إعادة بناء البلاد على الرغم من الضغوط الفرنسية والدولية.

وجمع مؤتمر العام الماضي في أعقاب الانفجار نحو 280 مليون دولار، وحُجبت المساعدات الطارئة عما وصفه ماكرون آنذاك بـ"أيدٍ فاسدة" للسياسيين، وتم إيصالها عبر المنظمات غير الحكومية وجماعات الإغاثة.

وعمّقت كارثة الانفجار وتفشي فيروس كورونا قبلها، الانهيار الاقتصادي الذي يشهده لبنان منذ صيف 2019 وصنفه البنك الدولي بين الأسوأ في العالم منذ منتصف القرن التاسع عشر.

وبات أكثر من نصف اللبنانيين تحت خط الفقر، وفقدت الليرة اللبنانية أكثر من 90 % من قيمتها أمام الدولار، فيما ارتفعت أسعار مواد أساسية أكثر من 700 % خلال عامين.

ومنذ انفجار المرفأ، يقدّم المجتمع الدولي مساعدات إنسانية مباشرة إلى اللبنانيين، من دون المرور بمؤسسات الدولة المتهمة بالفساد والهدر.

وبرغم الأزمات المتلاحقة، فشل المسؤولون اللبنانيون في التوصل إلى اتفاق يتيح تشكيل حكومة منذ استقالة حكومة حسان دياب إثر الانفجار، والتي لا تزال تقوم بمهام تصريف الأعمال. وفي 26 يوليو، كلف رئيس الجمهورية ميشال عون رئيس الحكومة الأسبق نجيب ميقاتي تشكيل حكومة بعدما فشلت محاولتان سابقتان في ذلك.